من لك يا أمة الإسلام غير الخلافة؟!
ها نحن نشهد الأحداث المريرة المؤلمة التي تظل تصيب الشام وأهله، حتى ضاقت قلوبنا واشتد ألمها لحال ذلك الشعب الكريم على يد أعدائه، كل يوم تتناقل أخبارهم وسائل الإعلام وتنشرها بتحفظ أو دون تحفظ، وليس لفضح المتآمرين على الثورة والقتلة والمجرمين حتى يثور الرأي العام ضد أعداء ثورة الشام، بل ليوصلوا رسالة مفادها أن القتل والتشريد والكوارث تحل بكل شعب يتمرد على سادته، ويثور على النظام، ترويجًا للأفكار الانهزامية والاستسلامية للأمر الواقع، فأحيانًا يقوم الإعلام بنقل الخبر مضخمًا بتفاصيل كثيرة لنقل صورة قاتمة سوداوية عامدًا متعمدًا لردع من تسول له نفسه الوقوف أمام الاستعمار وعملائه وأعوانه، وللأسف صار الناس من كثرة القتل وطريقة نقل الإعلام للأحداث يرون ما يحدث بالشام أمرًا طبيعيًا يكاد يصيبهم بعدم الاكتراث، أو يحمدون الله أنهم يعيشون في بلد لم يصبه ما أصابهم، مع أنهم يعيشون في ذل وإهانة وسلب لأبسط الحقوق والكرامة، وللأسف صار البعض يلومون أهل الشام على ما أصابهم، واستحقوه عاقبة لأفعالهم!!
إن ما يقاسيه أهل الشام، وما تعانيه البلدان الإسلامية من ويلات، ما كانت لتكون لو وجد ردٌّ كافٍ أو مانع يمنعها، وهذا المانع لا يكون إلا قوة عظيمة مخلصة واعية من جنس الأمة، وما كانت لتتأزم حال الشام وتصل إلى ما وصلت إليه لولا تآمر المتآمرين، الكافر المستعمر وأعوانه، لذلك لا حل لهذا الظلم والعدوان إلا بقطع يده وإزالة سلطانه وقطع غذائه الذي يعتاش به، فعلينا أن نأبى الخضوع إلى الواقع وحالنا الآن، بل استبدال خير حال به.
علينا أن نتدبر الحال، ونعمل لتغييره، والتغيير لا يكون إلا بإحدى الطرق، طريق وضعها العقل البشري المحدود الضيق تحت تأثير الهوى وضيق الأفق، أو طريق خالق العقول والبشر كلهم، طريق الله عز وجل؛ الطريق الأول هو سبب الويلات والعذاب الذي يصيبنا اليوم، منذ أن هدم الكافر المستعمر حصن عزتنا، دولتنا دولة الخلافة، منذ ذلك اليوم والأمة تعاني وتجابه كل أنواع المؤامرات.
يجب أن ندرك أن حال بلدان الربيع العربي لم يكن أفضل قبل الثورة، فقد كانت تعيش تحت الظلم والاضطهاد، وما وصلت إليه الآن هو بسبب رفضها للظلم، فكان غضب الكافر ونتائجه كما نراها الآن. فقد كانت ثورة الشام واليمن تحمل هدفًا عظيمًا وهو تحكيم شرع الله، بعد أن أدركوا أن لا حل لما هم فيه سوى الإسلام، وليس حكم الطاغوت، وهذا هو السبب الحقيقي لاستنفار قوى الغرب الكافر وتكالبه عليهم. هذا الأمر يدركه كل من كانت عنده بصيرة ويدرك الوقائع إدراكًا صحيحًا ويقرأ الأحداث قراءة جيدة بمعزل عن السموم التي يصبّها الإعلام في عقول المتلقين.
أخيرًا نقول إن هذه الأحداث جعلت الأمة – والواعين منها خاصة – تدرك عظم عودة الإسلام إلى الصدارة، وحكمه بين الناس عن طريق دولة تحميهم وتحافظ عليهم، وتجعل المسلمين أسيادًا من بعد الذل الذي ذاقوه والإهانة. إننا في هذه الأوقات الصعبة، نستذكر يوم سلب منا الكافر حصننا المنيع، دولة الإسلام، نستذكر حتى نحزم أمرنا ونكون على ما يحبه الله سبحانه وتعالى ورسوله e لنا، بأن نكون قادة للبشرية وهدى للضالين، ناشرين الخير (الإسلام) في ربوع الأرض ومطبقين شرعه في كل مكان تشرق فيه الشمس، وإلا فإننا لن نلقى إلا الذل والهوان على يد الأعداء إن استسلمنا للواقع الذي يريدونه، ولا نتوقع إلا الأسوأ.
فالعمل العمل لإعادة حكم الإسلام، ونيل رضا الله والفوز بجنته، والثقة بأن العاقبة دائمًا للحق، ولا نامت أعين الجبناء. إن دولة الإسلام قائمة شاء من شاء وأبى من أبى، هذا وعد الله، والله لا يخلف وعده.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. ماهر صالح – أمريكا
2018_04_06_Art_Non_but_Khilafah_for_the_Muslim_Ummah_AR_OK.pdf