Take a fresh look at your lifestyle.

في ذكرى هدم الخلافة نذكّر ونجدد الدعوة

 

في ذكرى هدم الخلافة نذكّر ونجدد الدعوة

 

ها نحن هذه الأيام نحيي الذكرى 97 لهدم الدولة التي أقامها رسول الله ﷺ وأمر بالمحافظة عليها، الدولة التي كانت تحمي بيضة المسلمين وتذود عنهم فلا تسلّم أمنهم لبريطانيا ولا ثروتهم لأمريكا ولا أعراضهم لمنظمات الغرب الكافر ودوله واتفاقياته، الدولة التي كانت تطبق شرع الله وتجعل السيادة للشرع لا لمجالس نيابية تشرع قوانين ما أنزل الله بها من سلطان، نعم دولة الإسلام الحقيقية والتي بضياعها ضاع عز المسلمين ومجدهم وضاعت مكانتهم وتداعت عليهم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها.

 

إن هدم الخلافة على يد بريطانيا عدو المسلمين الأول وذلك عن طريق عميلها مصطفى كمال والعاملين معه يعتبر البلاء الأكبر الذي أصاب الأمة الإسلامية منذ عام 1924م حتى الآن والذي جعلهم مكسوري الجناح في ذيل الأمم تتقاذفهم أمواج البلايا.

 

لما هدمت الخلافة تقطعت أوصال الأمة وتشتتت قواها فأصبحت مهزومة لا تقوى على شيء، سلطانها مغصوب، معدومة السيادة، فاقدة للريادة، حكامها عبيد، خارت منهم القوى وضعفت العزائم، لا يجمع شملهم إمام ولا تجمعهم دولة، جثة هامدة، لا حول لها ولا قوة.

 

لما هدمت الخلافة، خيرات المسلمين نهبت، شركات استعمارية تتمركز في بلداننا، تمتص ثرواتنا، حتى وصل الحال إلى حد سرقة التراب!

 

لما هدمت الخلافة، ما عاد في المسلمين معتصم يحمي أعراضهم فانتُهكت، ومُرغت كرامة المسلمين في التراب، منهم من ملأوا السجون ومنهم من بيعت دماؤهم بالمال، بل بالمجان! في سوريا الآلاف يموتون منذ 7 سنوات، وكذلك الحال في العراق وفلسطين وجميع بلاد المسلمين حتى مسّت أطفالا في عمر الزهور حافظين للقرآن، مستقبل أمة الإسلام.

 

لما هدمت الخلافة تطاول الأعداء على المسلمين، على مقدساتهم، على قرآنهم، على رسولهم، وها هو ترامب مؤخرا يعلن القدس عاصمة لكيان يهود، بل تعدى الأمر إلى إهانة الكفار لهذا الدين حتى برز من بين المسلمين من يبرر أفعالهم ويلتمس لهم الأعذار ليجدوا فسحة للتواصل مع الكافرين تحت مسميات عدة من حوار الأديان إلى حوار الحضارات إلى حقوق الإنسان فأصبحنا نسمع في تونس الزيتونة بمقولة “المساواة في الميراث حق موش مزيا”!

 

لما هدمت الخلافة، تخلى المسلمون عن الحكم بشرع الله وتفاوضوا مع الغرب الكافر المستعمر فساقوا الأمة إلى الهوان والذل والفقر الناتج عن خضوع الأنظمة العميلة في العالم الإسلامي لإملاءات صندوق النقد الدولي، الذي جعل البلاد في ارتهان تام للمستعمر.

 

لم تتقدم الأمة في أي من هذه القضايا ولم تجد حلاً لهذه المآسي التي يعيشها العالم الإسلامي اليوم، غير إجراءات ترقيعية تطيل عمر الأنظمة الجاثمة على صدور المسلمين وتمدد أنفاسها، وتبقي أمة الإسلام في حالة التبعية والتخلف والهوان بل وتلهيهم عن الطريق الصحيح للنهضة والرقي.

 

فكيف ستنهض الأمة ودولتها التي ترعى شؤونها غائبة وقد تحكّم في أمرها العملاء الجبناء؟ كيف ستنهض الأمة وهي تعيش بقوانين الغرب المسقطة عليها؟ وكيف ستجد أمتنا العزة والتمكين وسلطانها مغتصب بيد أعدائها وبيادقهم الذين لا يرون عزة إلا بالارتماء في أحضان الاستعمار والله تعالى يقول ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِين﴾ ويقول أيضا ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾؟!

 

فلا حل لمشاكل المسلمين اليوم إلا باتباعهم أحكام الله التي فيها خلاصهم وعزتهم، فعزة المسلمين متمثلة بتمسكهم بكتاب الله وسنة نبيه وتطبيق أحكام دينهم في واقع حياتهم.

 

فتطبيق الإسلام واجب علينا اليوم، وإقامة الدولة واجب كذلك ووجود خليفة للمسلمين يحكم بينهم بما أنزل الله واجب أيضا. فالعمل على وجود هذا الخليفة فرض وضرورة على المسلمين اليوم وهي ليست فرضية مستمدة من المآسي التي يعيشها المسلمون اليوم في ظل غياب الإسلام فقط، بل هي فرضية مستمدة من كتاب الله في قوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ. وقوله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.

 

ومن السنة قوله ﷺ: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» رواه مسلم. وقوله ﷺ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ» رواه مسلم. وقوله ﷺ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ»، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ، فَالْأَوَّلِ، وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ». رواه مسلم.

 

وأما إجماع الصحابة فإنهم رضوان الله عليهم أجمعوا على لزوم إقامة خليفة لرسول الله ﷺ بعد موته، وأجمعوا على إقامة خليفة لأبي بكر، ثم لعمر، ثم لعثمان بعد وفاة كل منهم. وقد ظهر تأكيد إجماع الصحابة على إقامة خليفة من تأخيرهم دفن رسول الله ﷺ عقب وفاته واشتغالهم بنصب خليفة له.

 

وبهذا فإن مبايعة خليفة يحكم بين المسلمين بما أنزل الله هو فرض علينا، وهنا يكون العمل لوجود هذا الخليفة هو واجب المسلمين اليوم، وها نحن في هذه الذكرى الأليمة نجدد الدعوة ونشحذ همم المسلمين للعمل معنا على إقامة هذا الفرض العظيم للعودة للعز الذي ضيعناه والمجد الذي تركناه، وما ذلك على الله بعزيز.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فاتن الشعري

 

2018_04_13_Art_On_the_anniversary_of_the_fall_of_the_Khilafah_we_renew_the_call_AR_OK.pdf