جواب سؤال
حقيقة الضربة الجوية الأمريكية الأخيرة لسوريا!
– التسجيل المرئي للجواب –
السؤال:
جاء في إصدارنا بتاريخ 2018/04/11م عن اجتماع بوتين وروحاني وأردوغان أن هؤلاء الثلاثة ينفذون مصالح أمريكا في سوريا، لتمكين الحكم العلماني فيها تحت النفوذ الأمريكي، ومن ثم يكون بوتين يعمل في سوريا بالتوافق مع أمريكا ولخدمتها… فما تفسير الضربة الأمريكية في سوريا هذه الليلة، مع أن بوتين له قوات في طرطوس وحميميم؟ وكيف يكون يعمل بالتوافق مع أمريكا ثم هي تضرب قواته في سوريا؟ ثم ما هذا التحالف بين أمريكا وبريطانيا وفرنسا ومصالحهم مختلفة؟ نرجو توضيح ذلك، وجزاك الله خيراً… والمعذرة عن سرعة السؤال…
الجواب:
1/ في البداية نصحح بعض ما جاء في السؤال، فأمريكا لم تضرب مواقع روسيا في سوريا وهذا واضح في تصريح وزارة الدفاع الروسية صباح هذا اليوم 2018/04/14م، وإنما ضربت حواليها قرب باب مواقعها، وهي صامتة، مع أنها تزعم أنها صاحبة البلاد والعباد في سوريا والممسكة بزمامها!
2/ إن الضربة الأمريكية هي تأديب لروسيا أكثر منها ضرب للأسلحة الكيماوية السورية، فإن نحو عشرة مواقع ضُربت فجر اليوم، ومع ذلك فإن بعض التعليقات لخبراء عسكريين في وسائل الإعلام صباح هذا اليوم ذكرت أن القليل من تلك المواقع مصانع كيماوية أو مراكز أبحاث، وأن أكثرها مواقع عسكرية.
3/ أما كيف هي تأديب لروسيا، فإن روسيا رغم خدماتها في سوريا لمصلحة أمريكا، إلا أن شيئاً من الزهو لامسها، فحاولت استغلال نشاطها في سوريا بانتفاخ كأنها الممسكة بزمام الأمور في سوريا، متجاوزة المسموح لها بأنها تعمل لترسيخ نفوذ أمريكا في سوريا، وليس لتحل محلها… فكانت الضربة في عقر دار روسيا قريباً من مواقعها لتعيد روسيا إلى حجمها فإن زلّت قدمها فاستغلت ما تقوم به في سوريا لتظهر من ورائه كأنها مركز قوة أو نفوذ، فإن أمريكا تقف في وجهها بقوة إلى حد الإهانة، كما صرح السفير الروسي في واشنطن بأن الضربة الأمريكية كانت إهانة لبوتين شخصياً وليست لروسيا فحسب!
4/ أما لماذا كانت الضربة موجهة لإهانة روسيا أكثر مما هي للمواقع السورية، فذلك لأن جعجعة ترامب استمرت بضعة أيام قبل الضربة، فكانت رسالة للنظام بإخلاء مواقعه، ولذلك كانت الخسائر تكاد تكون مادية مع أن الصواريخ التي أُطلقت أكثر من مائة صاروخ… أما الأثر الناتج فإنه لم يكن جديداً على النظام، فهو معتاد عليه فهو يهون على نفسه: و(من يهن يسهل الهوان عليه)، وهذا شأن العملاء، فإن أسيادهم لا يرون بأساً في ضربهم كلما اقتضت مصالح الأسياد ذلك، ووقائع التاريخ كثيرة في هذا المجال… ثم إن أمريكا قد فعلت نحو هذا في العام الماضي على أثر أحداث خان شيخون… فالعميل ليس جديداً هذا الأمر عليه، بل هو (مروّض) عليه، وفوق ذلك فبعد الضرب يحتفل بالنصر! إلا أن الأثر الذي يوقف عنده هو بالنسبة لروسيا، التي سحبت أكثر سفنها، وأخلت بعض المواقع فراراً من توقع الضربة، ومع أن الضربات كانت قريبة من مواقعها، وهي التي كانت تزعم أنها المتحكمة في سوريا، ورغم كل ذلك فلم تستخدم دفاعاتها الجوية لصد الضربة كما صرحت وزارة الدفاع الروسية ظهر اليوم!
5/ في تصريح لأحد المسؤولين الروس صباح اليوم، أعلن أن روسيا ستقدم شكوى لمجلس الأمن، وفعلاً قدمتها وتقرر اجتماع مجلس الأمن الساعة الخامسة عشرة بتوقيت غرينتش هذا اليوم، أي كما تفعل الدول الضعيفة بأن تكون الشكوى هي الحيلة والوسيلة أمام العدوان عليها، فروسيا اعتُدي عليها عملياً حتى وإن لم تُضرب قواعدها، لأنها كانت تصول وتجول في سوريا، مدغدغة مشاعرها بعظمة الاتحاد السوفيتي السابق… فكانت الضربة كما ذكرنا آنفاً تعيدها لحجمها فهي لم تجرؤ على أي عمل مادي إزاء تلك الضربة… وهكذا يظهر مدى الغباء السياسي لدى الروس حيث يبذلون الجهود المتواصلة في سوريا، والنتيجة أن لا يستقر لهم قرار إلا أن يكون بيد أمريكا، فلم يتعظوا من سنواتهم الطويلة في مصر ثم بجرّة قلم أخرجهم السادات من مصر لأن النفوذ الذي كان قائماً هو لأمريكا ولم يدرك الروس ذلك، وهم يكررونه اليوم في سوريا، فيقومون بأعمال وحشية لمصلحة غيرهم كيداً للإسلام والمسلمين، وهذه الأعمال الوحشية التي ترتكبها روسيا ومن ورائها أمريكا لن تمحى من أذهان المسلمين، والأيام دول، وإن غداً لناظره قريب.
6/ أما ما ورد في السؤال من أن تحالفاً بين أمريكا وبريطانيا وفرنسا… فهو ليس على وجه الدقة (تحالف) بمعنى التحالف بين دولة وأخرى ند لها، بل هو بإذن من أمريكا كما حدث في العراق وسوريا بتكوين التحالف الدولي بحجة مكافحة الإرهاب، حيث وافقت أمريكا على إشراك بريطانيا وفرنسا في التحالف… وقد سبق أن ذكرنا ذلك مفصلاً في إصداراتنا السابقة.
7/ إن المؤلم هو أن الدول المؤثرة في العالم (تسرح وتمرح في بلادنا)، وتمسك بزمام الأمور دون أهل البلاد… ونحن لا دولة تجمعنا وتعيد عزتنا، وإلا لأدركت أمريكا بالقول والفعل كيف كانت تدفع (رسوم مرور) عند دخول البحر المتوسط، تدفعه لوالي الدولة العثمانية في الجزائر… ولأدركت كذلك فرنسا كيف كانت تستجير بخليفة المسلمين سليمان القانوني لإنقاذ ملكها المأسور… وأيضاً لأدركت بريطانيا كيف كانت تقدم اعتذاراً إلى سفير الدولة العثمانية في لندن لبعض الإساءة للرسول e، قام بها رجل مسرح، ومتى هذا؟ لما كانت الدولة العثمانية في أوج ضعفها، ومن ثم اكتفت بالاعتذار، وإلا لكان الأمر فوق فوق ذلك.
إن كل مسلم فيه عرق ينبض يجب أن يبذل الوسع في العمل مع حزب التحرير لإعادة الحكم بما أنزل الله، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ومن ثم يعز الإسلام والمسلمون، ويُذل الكفر والكافرون. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
السبت 27 رجب 1439هـ
2018/04/14م