نَفائِسُ الثَّمَراتِ
ألا أُخْبِرُكُمْ بِأَدْوَأِ الدَّاءِ
وَأَمَّا مَا يَصْلُحُ بِهِ حَالُ الإنسانِ فِيهَا فَثَلاَثَةُ أَشْيَاءَ، هِيَ قَوَاعِدُ أَمْرِهِ وَنِظَامُ حَالِهِ، وَهِيَ: نَفْسٌ مُطِيعَةٌ إلَى رُشْدِهَا مُنْتَهِيَةٌ عَنْ غَيِّهَا، وَأُلْفَةٌ جَامِعَةٌ تَنْعَطِفُ الْقُلُوبُ عَلَيْهَا وَيَنْدَفِعُ الْمَكْرُوهُ بِهَا، وَمَادَّةٌ كَافِيَةٌ تَسْكُنُ نَفْسُ الإنسَانِ إلَيْهَا وَيَسْتَقِيمُ أَوَدُهُ بِهَا.
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: “إنَّ اللَّهَ تَعَالَى اخْتَارَ لَكُمْ الإسلاَمَ دِينًا فَأَكْرِمُوهُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ وَالسَّخَاءِ فَإِنَّهُ لاَ يَكْمُلُ إلا بِهِمَا).
وَقَالَ الأحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: ألا أُخْبِرُكُمْ بِأَدْوَأِ الدَّاءِ؟ قَالُوا بَلَى. قَالَ الْخُلُقُ الدَّنِيُّ وَاللِّسَانُ الْبَذِيُّ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: الْحَسَنُ الْخُلُقِ مَنْ نَفْسُهُ فِي رَاحَةٍ، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي سَلاَمَةٍ. وَالسَّيِّئُ الْخُلُقِ النَّاسُ مِنْهُ فِي بَلاَءٍ، وَهُوَ مِنْ نَفْسِهِ فِي عَنَاءٍ، وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
إذَا لَمْ تَتَّسِعْ أَخْلاَقُ قَوْمٍ *** تَضِيقُ بِهِمْ فَسِيحَاتُ الْبِلاَدِ
إذَا مَا الْمَرْءُ لَمْ يُخْلَقُ لَبِيبًا *** فَلَيْسَ اللُّبُّ عَنْ قِدَمِ الْوِلاَدِ
كتاب أدب الدنيا والدين
لعلى بن محمد بن حبيب الماوردي الشافعي
وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَىْ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ