البيان الفرنسي ضد اللاسامية واضح بأنه ضد الإسلام والمسلمين
(مترجم)
الخبر:
نشرت صحيفة لو باريزيان (Le Parisien) بياناً صحفياً يدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة ضد المد المتزايد لمعاداة السامية (اللاسامية) في فرنسا.
هذا البيان كتبه الكاتب فيليب فال، وهو من المؤسسين لصحيفة “شارلي إيبدو” الأسبوعية، وتم التوقيع عليه من قبل شخصيات مثل الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء السابق مانويل فالس، والممثل جيرار دوبارديو. ويسلط البيان الضوء على موجة حديثة من الهجمات اللاسامية العنيفة.
يقول البيان: “اللاسامية ليست خاصةً بيهود، إنها أعمال للجميع”، كما ويشير إلى أنه “في الماضي القريب، اغتيل 11 يهوديًا – بعضهم تعرض للتعذيب – من قبل الإسلاميين (المتطرفين)، لمجرد أنهم كانوا أشخاصاً يهود”. (يورو نيوز)
التعليق:
قامت النخبة الفرنسية من المثقفين والشخصيات البارزة بكتابة وتوقيع بيان، بهدف الإعلان أن يهود هم ضحية اللاسامية المحرضة من الإسلام والمسلمين، وأن النصوص الإسلامية التي تدعو إلى العنف ضد اليهود والنصارى وغيرهم من غير المسلمين يجب أن يعاد تقييمها من قبل علماء دين إسلاميين وأن يتم الإعلان عنها.
جاء هذا البيان كرد فعل على مقتل امرأة يهودية مسنة تبلغ من العمر 85 عاماً تدعى ميراي نول من قبل رجال مسلمين. على الرغم من أن دوافع الجريمة لم تكن واضحة، إلا أن هذه القضية قد تم تصنيفها منذ البداية على أنها جريمة بدافع معاداة السامية. إن قتل إحدى الناجيات من المحرقة النازية بواسطة رجال صاحوا ببعض العبارات العربية يمكن أن يعني لهم شيئاً واحداً فقط، وهو معاداة السامية.
كما نظم المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا (CRIF)، وهي منظمة يهودية تضم جمعيات يهودية، مسيرة ضخمةً للاحتجاج على هذه الجريمة. وقد قام رئيس الوزراء إدوارد فيليب بنفسه مع شخصيات بارزة أخرى بالمشاركة في “المسيرة البيضاء”. حتى إن إيمانويل ماكرون رئيس فرنسا قد حضر الجنازة. لذا فقد تم إظهار وتصوير هذه القضية على أنها نموذج وطني باعتبارها جريمة كراهية ضد السامية يحرض عليها المسلمون بدوافع إسلامية.
حتى لو افترضنا أن دوافع هؤلاء الرجال كانت بدافع معاداة السامية، كان يجب تقييم فعل الجريمة المرتكبة كعمل فردي وليس كعمل من جانب الجالية المسلمة الكبيرة أو الدين الإسلامي. ونتيجة لهذا، قامت السلطات الفرنسية والإعلام الفرنسي بتغذية الغضب والكراهية ضد الإسلام والمسلمين. لقد أصبحت العلاقة الهشة بالفعل مع الجالية المسلمة تحت مزيد من القيود.
إن بطاقة معاداة السامية من السلطات الفرنسية قد تم لعبها بنجاح كبير، على الرغم من عدم وجود قواعد صلبة لها وتناقض التقارير السابقة حول معاداة السامية. فعلى سبيل المثال، وفقاً لتقرير للحكومة في عام 2017 والذي جمعته وكتبته وزارة كيان يهود لشؤون الشتات، ذكر التقرير أن عدد الهجمات المعادية للسامية في فرنسا انخفض بنسبة 63.6٪ بين عامي 2015 و2016!
إن معاداة السامية تعتبر إحدى القضايا في فرنسا، علينا ألا ننسى الحصة الكبيرة التي يلعبها القوميون اليمينيون والوطنيون هنا. إن حقيقة أن الحزب السياسي “فرنسا الأبية” وحزب الجبهة الوطنية لماري لوبان، واللذين يقعان في أقصى اليمين وأقصى اليسار ضمن الأطياف السياسية، لم يكونا موضع ترحيب في آذار/مارس، وهذا مؤشر على مشاعر الفرنسيين تجاه يهود. فقد قال فرانسيس كليفات رئيس CRIF: “إن الأعداد الكبيرة من معاداة السامية في أقصى اليسار واليمين المتطرف تجعل وصول هذه الأحزاب (في آذار/مارس) غير مقبول”.
لذا فإن ربط معاداة السامية، وهي مشكلة قائمة في فرنسا، بالإسلام والمسلمين، هي محاولة ماكرة لاستخدام هذه المشاعر الحساسة لإضفاء الشرعية على المزيد من الضغوط ضد الجالية الإسلامية، على أمل اندماجهم بالمجتمع.
إن ما يسمى بالموقف “المحايد” للعلمانية ضد جميع الأديان في المجتمع، قد تأكد مرة أخرى بأنه مجرد وهم لا صلة له بالحقيقة. في حين إن الكراهية والخوف من الإسلام يتم الترويج لهما بشكل قاطع وتتزايد الهجمات على المساجد والمسلمين في الشوارع الفرنسية، فإن الحكومة الفرنسية تنفق 100 مليون يورو، ضد مكافحة العنصرية وعلى وجه الخصوص معاداة السامية وحماية متاجر اليهود والمدارس والمعابد اليهودية.
كما لم يكن مفاجئاً أن الطلب الرئيسي للبيان كان موجهاً إلى علماء الدين المسلمين، لتغيير معاني النصوص في القرآن والأحاديث التي ترتبط بالعنف، وفقاً لرغباتهم السيئة. يتم الترويج للإسلام “الفرنسي” بقوة، ليس من خلال مواجهة الأفكار بالأفكار ولكن باستخدام القمع والتخويف والتشويه.
إن مهد العلمانية الليبرالية الذي كان في يوم من الأيام قد أنتج مفكرين ومثقفين كانوا قادرين على التأثير على الجماهير بأطرهم الفكرية حول رؤيتهم للعالم، قد تركوا المنطق ولجأوا إلى استخدام التلاعب الماكر لقمع الأقليات.
إن العلمانية ميتة، هذا واضح تماماً، ليس فقط بالنسبة للمسلمين الذين يتعرضون للقمع من قبلها، ولكن أيضاً للمفكرين والمثقفين الذين لا يؤمنون بها بعد الآن.
﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أوكاي بالا
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في هولندا