رفض السماح لمسلمة بارتداء الحجاب بألمانيا
الخبر:
الجزيرة: رفضت محكمة ألمانية طلب معلمة مسلمة تعمل بمدرسة ابتدائية في برلين بالسماح لها بارتداء الحجاب أثناء العمل، يأتي ذلك وسط تنامي التمييز والمشاعر المعادية للمسلمين.
وقالت محكمة العمل إن قرار إدارة المدرسة التي تعمل بها المعلمة بعدم السماح لها بارتداء الحجاب يتوافق مع قانون الحياد في برلين، الذي يحظر على الموظفين الحكوميين، بما في ذلك المعلمون والشرطة والعاملون بالقضاء، ارتداء “الرموز الدينية”.
وقالت المحكمة في بيان صحفي إن قانون الحياد لا ينتهك الأحكام الدستورية.
التعليق:
أولا: ما زالت العلمانية تطل علينا بوجهها الدكتاتوري القبيح، وبتناقضاتها مع نفسها، وبحقدها على الإسلام والمسلمين، أما تناقضاتها مع نفسها فتكمن في زوايا نذكر منها:
أ- تعتبر التعددية من أهم القيم الديمقراطية، فلا ديمقراطية من غير تعددية، ولكن التعددية الأيديولوجية لا تعني أكثر من وجود اختلاف للرؤى حول المعتقدات الخاصة، فمن حق الأفراد أن يكون لهم رؤى ومعتقدات خاصة بهم، ولكنهم لا يستطيعون تحكيمها في المجتمع والدولة لأن هذا سيناقض فكرة التعددية! إذ إن الإسلام مثلا فيه نظام حياة متكامل، فإذا ما طبق فإنه لن يستقي من العقائد الأخرى تصوراتٍ وقوانينَ للحياةِ، وبالتالي فلحماية التعددية تَمْنَعُ الديمقراطيةُ قيام الحكم على أساس أيِّ عقيدةٍ، إلا عقيدتها العلمانية، فتقع فيما تفر منه! تحارب التعددية وتحجمها في شئون الفرد الخاصة فقط، وتمنع وجودها في الدولة والحياة، ولا ترضى إلا بالنموذج الفكري العلماني، كذلك تعددية الأحزاب، فلا بد للأحزاب الحاكمة والمعارضة أن تتبنى العلمانية نفسها، وإلا تهددت التعددية، مع أن اقتصار الحكم على العلمانية فيه قضاء على فكرة التعددية نفسها، وهكذا، فكما ترى ما التعددية إلا سيف يشهر في وجه الأنظمة الأخرى ويغض الطرف عنه حين يكون الحكم والرأي والحزب علمانيا! وهنا نراهم يخطون خطوة إضافية بمنع الفرد من اعتقاد معتقدات خاصة به، ويريدون فرض القيم العلمانية على تلك المعلمة، فيناقضون التعددية والحريات أيضا.
ب- وفي حين يدعي الغرب الليبرالية، نجد أنهم يفرضون بالحديد والنار معتقدهم العلماني في المجتمع، تحت ذريعة حماية الآخرين من (أقليات) وغيرهم في المجتمع من المعتقدات المتعددة الموجودة في المجتمع، وإن كانت معتقدات الأكثرية، فعلى الأكثرية المسلمة في العالم الإسلامي أن تنزل عن تحكيم معتقداتها وقيمها في الحياة، لصالح العلمانية التي لا يمثلها في تلك المجتمعات إلا فئات بالكاد تزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة، فتقيد حرياتهم وتدعي أنها تضمن حرية المعتقد، وتدخل فيما تفر منه فتمنع التعددية بحجة حماية التعددية! فلا هي أخذت برأي الأغلبية المسلمة، ولا هي أخذت من عقائد (الأقليات) وأفكارهم أي شيء، وإنما فرضت على الطرفين عقيدتها هي، فكانت دكتاتورية صلفة!
ت- ويستعمل الغرب مسألة (الأقليات) وحقوقها ذريعة لغزو العالم الإسلامي، وكانت الفاجعة الكبرى في فكرة (الأقليات) كونها تركز على إيجاد التناقضات في مجتمعات لم تكن تلتفت لتلك التناقضات، فتشحنها بالقلاقل والحروب والنزاعات، ومثال ذلك إشعالهم فتنة الشيعة والسنة، والأكراد والفرس والعرب، لا سيما وهم يبحثون عن مداخل ومبررات يلجون باستعمارهم منها، ليفرضوا علمانيتهم الديمقراطية بديلا عن الإسلام، فطرحوا مشكلا لم يكن قائما أبدا، وهو ما مصير (الأقليات) النصرانية، وأقل الأقليات ممن لا يبلغون أصابع اليد من العلمانيين والليبراليين والملحدين في بلاد المسلمين، وأمدوا تلك المجموعات البشرية التي سموها بـ(الأقليات) أحيانا بالمناصب وأخرى بالسلاح والسلطان، وكانوا يهيئونها لأن تسمى (أقلية) وأوجدوا لها الأحزاب القومية والوطنية، وصنعوا لها القادة العظام الملهمين! وأحيوا لها لغاتها التي ربما تكون ميتة وطوروها وخطوا خطوطها وأحرفها وقعدوا قواعدها، واختلقوا لها تراثاً ثقافياً وفلكلوراً أو رقصاً شعبياً كما يسمونه، وأبرزوا عاداتها وتقاليدها كأنها أعمال مقدسة، وأحيوا طقوسها الدينية، وكتبوا لها تاريخاً حافلاً بالأمجاد القومية! ومن ثم يقولون إن هذا الشعب شعب آخر يجب أن يأخذ استقلاله وهويته، فلزم أن تعطوه حق تقرير مصيره. لتبقى القلاقل سيدة الموقف فيسهل عليهم التدخل والاستعمار، والتسلط والاستحمار. فمن (أقليات) دينية، كالنصارى والأزيديين، والصابئة، إلى (أقليات) قومية كالأمازيغ والأكراد، إلى غير ذلك من التجزئة التي يجعلونها مدخلا لغاياتهم الدنيئة وأغراضهم الاستعمارية الحقيرة، مما يثبت أن الحضارة الغربية إنما تقوم في أساسها على غاية الاستعمار وإثارة القلاقل وبث الحروب والنزاعات كي تجد لها موطئ قدم لنهب الخيرات وفرض السيطرة.
ث- ومع هذا فإن (الأقليات) عندهم لا يستطيعون حتى غطاء الرأس! لقد هزم الحجابُ الحضارةَ الغربيةَ في عقر دارها وأظهر عوارها، وعرّاها من كل ما يستر عورتها.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ثائر سلامة (أبو مالك)