انتشار جرائم القتل في الشوارع البريطانية هو من التبعات الحتمية للثقافة العلمانية والليبرالية والمادية (مترجم)
انتشار جرائم القتل في الشوارع البريطانية
هو من التبعات الحتمية للثقافة العلمانية والليبرالية والمادية
(مترجم)
الخبر:
قُتل ثلاثة أشخاص وأصيب عدد آخر في أنحاء مختلفة من بريطانيا خلال عطلة نهاية الأسبوع في شهر أيار/مايو في سلسلة من عمليات إطلاق النار والطعن والهجمات باستخدام المواد الحمضية. هذه ليست سوى أحدث حوادث الجريمة العنيفة التي تصاعدت في بريطانيا والتي أودت بحياة أكثر من 60 شخصا هذا العام في لندن وحدها. ويقوم ضباط شرطة إضافيون مدعومون بالوحدات المسلحة بدوريات في شوارع العاصمة. في العام الماضي قُتل 39 طفلاً ومراهقًا بالسكاكين في بريطانيا. ووفقا للجرائم التي سجلتها الشرطة كانت هناك زيادة بنسبة 22٪ في الجرائم باستخدام السكين وما نسبته 11٪ زيادة في جرائم الأسلحة النارية في إنجلترا وويلز في عام 2017، مع ما يقرب من 38.000 جريمة بالسكين مسجلة وأكثر من 6600 جريمة سلاح عبر بريطانيا في العام حتى أيلول/سبتمبر 2017. وأظهرت الإحصاءات الرسمية الصادرة في نيسان/أبريل أيضاً أن عدد جرائم القتل في لندن قد ارتفعت بنسبة 44% في العام الماضي.
التعليق:
إن الحكومة البريطانية وسياسيين بريطانيين آخرين لا يعرفون شيئاً عن كيفية التصدي بفعالية لهذا الوباء العنيف من الجريمة الذي تعاني منه البلد. وكما هو الحال مع معظم المشاكل التي تؤثر على الدول العلمانية فإن نهجهم قائم على صرف المال على هذه القضية وتنفيذ بعض التغييرات في السياسة، من ثم يشبكون أصابعهم وينتظرون آملين تحقيق الأفضل. هذه الطعنة التي تغطى بشريط لاصق مظلم لمحاولة حل القضايا التي هي السمة المألوفة للدول العلمانية التي ترفض التعمق للوصول للسبب الجذري للمشاكل المتعددة التي تصيب مجتمعاتها، لأن هذا يعني الاعتراف ببعض الحقائق غير المريحة فيما يتعلق بتبعات ضارة للقيم الليبرالية العلمانية التي يحتفلون بها.
وقد أشار البعض إلى ارتفاع مستوى الفقر وانخفاض الإنجازات التعليمية ونقص فرص العمل التي تؤثر بشكل غير متناسب على قطاعات معينة من المجتمع في بريطانيا، حيث تسبب في ارتفاع مستويات هجمات السكين والبنادق التي يرتكبها أفراد في هذه المجتمعات. وألقى آخرون باللوم على التخفيضات الحكومية العميقة في خدمات الشرطة والشباب التي أصدروها رغم حجم الجريمة التي تؤثر على البلاد. ومع ذلك فإن هذه العوامل المساهمة المقترحة لا تذهب إلى أساس وسبب وباء الجريمة العنيفة هذه، أو تجيب عن السؤال الذي يفسر لماذا تنتشر الجريمة بشكل عام في العديد من الدول العلمانية لدرجة أن السجون مكتظة وأربكت الشرطة بعددها وبالحالات التي يتعاملون معها. على سبيل المثال، قال عمدة لندن صادق خان: “إن خدمة الشرطة في لندن، مثل بقية البلاد، منهكة في طاقتها”.
لفهم السبب الجذري لمستويات الجريمة العنيفة الضخمة التي تؤثر على بريطانيا والدول العلمانية الأخرى، يحتاج المرء إلى التركيز على المعتقدات والقيم العلمانية والليبرالية التي تحدد هذه المجتمعات. لقد قامت العلمانية نفسها بتهميش الدين بشكل متزايد ومفهوم المحاسبة أمام الخالق، وإيجاد فراغ روحي داخل المجتمعات وتشجيع الأفراد على تقديس رغباتهم واستخدامها كمقياس للصواب والخطأ. وقد أدت المادية وهي واحدة من ثمار الرأسمالية السامة، إلى قيام الأفراد بقياس قيمتهم ونجاحهم على أساس ممتلكاتهم وثرواتهم، وخلق ثقافة “الثراء السريع” والسعي وراء أساليب الحياة المترفة، مما أدى إلى عمليات سلب لا حصر لها وحتى جرائم قتل على أساس القضايا المالية. وقد غذى هذا المفهوم أيضًا بيئة شجعت تكوين العصابات والانضمام إليها لتحقيق منفعة مادية – سواء أكانت ثروات أم قوة؛ حيث توجد “حروب مرجعية” بين مجموعات من الشباب حول شيء ما سطحي مثل الهيمنة على مناطق معينة للرمز البريدي في المدينة؛ وحيث تضاءلت قدسية الحياة البشرية إلى درجة يمكن فيها مهاجمة شخص ما أو قتله بسبب أكثر الخلافات بساطة. في وقت سابق من هذا العام على سبيل المثال، طعنت مراهقتان في لندن من قبل مراهقة أخرى بعد جدال على الإنستغرام. وقد خلقت الليبرالية ثقافة مرغوبة بالذات من المخدرات والكحول وأنماط الحياة السريعة، وكذلك فرض عقوبات على إنتاج الموسيقى والأفلام وألعاب الكمبيوتر التي تثير العنف. وعلاوة على ذلك، أدت الحريات الجنسية الليبرالية إلى إضعاف بنية الأسرة، وأدت إلى تربية العديد من الأطفال في المنازل التي يكون الأب فيها غائباً. في بريطانيا وأمريكا على سبيل المثال، ينمو طفل واحد من كل ثلاثة أطفال بدون أب في المنزل (مكتب الإحصاءات الوطنية وتعداد الولايات المتحدة لعام 2010). هذا يخلق فراغًا في حياة العديد من الأطفال مما يؤدي إلى انضمامهم لبعض العصابات للإحساس بالانتماء.
إن دين الإسلام جاء لإنقاذ البشرية من هذه الفوضى! إن مفهوم التقوى والمحاسبة أمام الخالق وتحقيق رغبات المرء وفقاً لأحكام الله ورفض المادية والليبرالية والحريات الجنسية يخلق مجتمعات تكون فيها الجريمة ضئيلة. ونرى على سبيل المثال أن الإسلام كان في زمن النبي r الذي حوّل أعمال قبيلة غفار الذين كانوا يشتهرون بقطع الطرق ويعرفون باسم حلفاء الظلام، إلى أولئك الذين أصبحوا نبلاء ومرتقين في سلوكهم. كان الإسلام هو الذي جمع قلوب قبيلتَي الأوس والخزرج اللتين كانتا في حالة حرب مع بعضهما بعضاً طوال عقود ليصبحوا إخوة في الإسلام. وكان النظام الإسلامي هو الذي نجح عندما طبق بشكل صحيح على مستوى الدولة في خلق مجتمعات يشعر فيها الناس بالأمان، حيث تكون الجريمة ضئيلة ويمكن للأفراد أن يتركوا بضائعهم دون حراسة أثناء ذهابهم للصلاة دون خوف من سرقتها. وقد رافق كل هذا نظام عقوبات إسلامي فعال عمل حقا كرادع للجريمة. كما يؤكد على المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقنا كمسلمين لإقامة الخلافة على منهاج النبوة لتوفير نموذج للعالم حول كيفية خلق مجتمع آمن ومرتفع أخلاقيا ومتناغم.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير