Take a fresh look at your lifestyle.

الدماء المسفوحة والأعراض المنتهكة أحق بالدموع!!

 

الدماء المسفوحة والأعراض المنتهكة أحق بالدموع!!

 

 

 

الخبر:

 

ضجت مواقع التواصل الإلكتروني والصحف خلال اليومين الماضيين بخروج لاعب مصري يلعب ضمن فريق إنجليزي بعد إصابته “باكيا” مما يسمى نهائي أبطال أوروبا في كرة القدم، وامتلأت تلك المواقع بالاستنكار والشتائم والسباب على من تسبب في إصابته من الفريق الآخر.

 

التعليق:

 

بعد محاولات جاهدة وحثيثة ومستمرة منذ زمن استطاع أعداء الإسلام حرف عدد لا بأس به من أبنائنا عن جادة الصواب وأعموا بصيرتهم بما لا فائدة منه، وبعد أن كان “العقل السليم في الجسم السليم” هو التعبير عن الرياضة وفوائدها والدافع لها، أصبحت سباقا محموما من أجل الفوز والكسب المادي والشهرة فقط، وبدل أن تكون من أجل سلامة العقل والجسم أصبحت من أدوات تخريب القيم مع العقل والجسم وذلك بإدخالها في دوامة التنافس غير الشريف والرغبة بالفوز بأية وسيلة حتى لو كانت بعيدة عن الأخلاق والقيم والدين.

 

ومن هذه الرياضة لعبة كرة القدم التي أصبحت هوسا في بلاد المسلمين، هوساً طال الشباب والأطفال والنساء والفتيات، فترى الواحد منهم يجلس أمام التلفزيون أو يذهب للمباراة وهو مشدود الأعصاب يكاد لا يغمض جفنه حتى لا تذهب عليه لحظة منها، ويصرخ ويتأثر بمجرياتها حسب الفريق الذي يشجعه، بل يتعصب له ويغضب إن خسر!!

 

والطامة الكبرى في التشجيع أو التعصب لفرق أجنبية غربية بشكل يؤدي إلى الخصام والشجار الفعلي بين مناصري كل فريق!! خاصة فريقي ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين، اللذين لا تكاد تخلو عائلة في العالم العربي من أفراد فيها متعصبين لأحد الفريقين بشكل بعيد عن العقل والدين بحيث إنه مستعد أن يتشاجر معه ويضربه إن سمع منه “شماتة” بخسارة فريقه المفضل!! ولننظر إلى شوارعنا ونوادينا ومقاهينا في الأيام التي تكون بها مباريات لهما لتجد العجب في كمّ من يهتمون بهذه التفاهات.

 

ولنعد إلى خروج اللاعب المصري باكيا بسبب إصابته وحرمانه من تلك المباراة التي ينتظرها، ونسمع معه بكاء عشرات الألوف أو أكثر في العالم العربي، بكاء واستنكاراً لم نره هكذا عند استشهاد الشباب والأطفال والنساء في فلسطين وسوريا واليمن وبورما وغيرها من بلاد المسلمين المضطهدين، بكاءً لم نسمعه عاليا هكذا عند تدنيس الأقصى ولا عند سقوط القنابل العنقودية والفسفورية والكيماوية على أطفال ونساء عزل..!! لقد صوروا هذا اللاعب بطلا وضحية لمن ساهم في إصابته وإخراجه، وامتلأت المواقع بالشتائم والتحليلات أن ما حصل مقصود لأنه عربي، وكأنه لا يكفي كل مظاهر الذل والمهانة والتبعية التي نراها في كل مكان وفي كل حقل حتى يكون هذا الملعب وهذه الكرة التي يلهثون وراءها مصدرا للتآمر على العرب والمسلمين..!! وطبعا لوسائل الإعلام المختلفة دور رئيسي في هذا الأمر وهذه السطحية في الفكر والسلوك…

 

فيا أمة المليار!! اصحوا وتيقظوا.. فأنتم خلفاء الله على الأرض.. أنتم من يجب أن يتمثل فيكم أنكم خير أمة أخرجت للناس!! أوَتنقصنا خلافات حتى نختلف على فرق كرة قدم؟!! أوَتنقصنا سطحية تفكير حتى يكون سبب حزننا وبكائنا خروج لاعب أو خسارة مباراة، بينما الدماء تُسفك والأعراض تُنتهك والثروات تُنهب وبلاد المسلمين مستباحة لك طامع وغادر؟!!

 

اللهم ردنا إليك ردا جميلا، وأنر بصائرنا وقلوبنا وعقولنا إلى ما استخلفتنا عليه، وإلى ما يجب علينا فعله لتحقيق هذا الاستخلاف بحقه…

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مسلمة الشامي (أم صهيب)

2018_05_29_TLK_4_OK.pdf