إصدار عملات ورقية جديدة يفاقم من مشكلة النقود ولا يحل مشكلة الاقتصاد
الخبر:
من خلال متابعات البنك المركزي السوداني فقد تبين انتشار كميات كبيرة من فئة الخمسين جنيها مجهولة المصدر وغير مطابقة للمواصفات مما أدى إلى زيادة الكتلة النقدية، وأثر بصورة مباشرة على حياة الناس، وعليه فقد تقرر إصدارعملة ورقية فئة الخمسين جنيهاً، ووُجهت المصارف التجارية وفروعها باستلام العملات من فئة الخمسين جنيها من جمهور الناس وتوريدها في حساباتهم وتمكينهم من استخدام أرصدتهم عبر وسائل الدفع المختلفة. والناس الذين ليس لديهم حسابات طرف المصارف ستقوم المصارف بتسهيل عملية فتح الحسابات لهم.
التعليق:
إن إصدار العملات من غير أن يكون لها غطاء ذهبي هو سرقة لأموال وجهود الناس، ومن المعلوم أنه منذ أن تنصلت أمريكا من اتفاقية بريتون وودز أصبح الدولار هو المستأسد على عملات العالم تنهب به أمريكا ثروات وجهود الناس وقبل ذلك كانت العملات تستند إلى الذهب والفضة أي لها قيمة ثابتة، فامتازت تلك الفترة بالاستقرار في الحياة الاقتصادية. حتى إن قيمة الجنيه السوداني في تلك الفترة كانت تعادل 3.3 دولاراً. أما ما ذكره البنك المركزي من مبررات لإصدار هذه العملة فهي في حقيقتها مواصلة في التبعية وخدعة للناس. فقد أصدر البنك المركزي مع بداية العام 2018م ما يعادل 63 في المئة من الكتلة النقدية الموجودة أي أن هذه الحكومة طبعت من الأوراق النقدية ما يعادل أكثر من ضعف مَن سبقتها من حكومات السودان، مما دفع بمحافظ بنك السودان السابق صابر محمد الحسن للتحذير من خطر طباعة هذه الكمية فهي تؤثر مباشرة في ارتفاع الأسعار مع عدم الإنتاج في السلع الأساسية. إذاً فإن طباعة فئة الخمسين جنيها الجديدة للحفاظ على عدم ارتفاع الأسعار، هو ذر للرماد في العيون ودجل تمارسه الحكومة على الشعب. أما ما يتعلق بالمبرر الثاني لإصدار هذه الفئة الورقية من الخمسين جنيها بحجة أن هنالك تزويراً في هذه الفئة من النقود أيضاً، فلو افترضنا صحة هذا القول، فكان الأولى أن يقوم البنك بجمع هذه الفئة النقدية وإعطاء الناس ما يقابلها من الفئة الجديدة، ولكن هذا لم يحصل بل طلب من الناس أن يودعوا أموالهم لدى المصارف في حساباتهم وعند استردادها تدمى أرجل الذين ليس لديهم مركبات لهثاً وراء الصرافات الآلية من مصرف لآخر، وأما صاحب المركبة فيسابق طواحين الهواء من صرافة إلى صرافة حتى ينفد وقوده، وإذا وجد مصرفا لاسترداد نقوده لا يستردها كاملة، بل يحدد له البنك جزءا من هذه النقود مما يزيد معاناة الإنسان المغلوب على أمره إذعانا لأمر فرعون السودان ومن ورائه الفرعون الأكبر صندوق النقد الدولي!
فأصل الداء هو أنه ليس هنالك إنتاج حقيقي في البلاد بسبب تنفيذ روشتات الفرعون الأكبر، وكما قلنا، إن هذا الأمر جعل الحكومة تصدر 63% من الكتلة النقدية الموجودة والذي أدى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات بصورة خيالية، لارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني لارتباطه به. فقامت الدولة بحزمة من القرارات منها معاقبة الذين يتعاملون بالدولار خارج النطاق الحكومي، عقوبات قاسية تصل إلى السجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات، وأيضا أصدرت قراراً بمنع التعامل بالذهب بيعا وشراء إلا عن طريق البنك المركزي، فكان الأولى بدلاً عن هذه القرارات التي تحرم الحلال (بيع العملات) وارتكاب المعاصي عن طريق احتكار الذهب، كان الأحرى تطبيق أحكام الإسلام التي تتعلق بالعملة، بجعل الذهب والفضة أساس عملة البلاد، وبالتالي التحرر من التبعية الاقتصادية المتعلقة بالدولار، ولكن هذا لا يكون في ظل حكام رويبضات باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم من أجل الاستمرار في كراسي معوجة القوائم، وإنه لسلطان زائل بإذن الله، بقرب قدوم الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وإن هذا زمانها، عندها يفرح المؤمنون بنصر الله، ألا إن نصر الله قريب.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
منذر عبد الرؤوف – الخرطوم