Take a fresh look at your lifestyle.

اجتماع قمة ترامب وكيم ليس من أجل السلام والأمن

 

اجتماع قمة ترامب وكيم ليس من أجل السلام والأمن

(مترجم)

 

الخبر:

 

في الوقت الذي ذهب فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى سنغافورة لحضور اجتماع القمة الذي عقد في 12 حزيران/يونيو، نشرت مقالة على موقع الجزيرة بعنوان “كيف فشل 11 رئيسًا لأمريكا في صنع السلام مع كوريا الشمالية”، الأمر الذي يشير إلى ما يجب أن يكون واضحًا – وهو حقيقة أن أمريكا عملت باستمرار ضد السلام والأمن في شبه الجزيرة الكورية:

 

خلافاً للإدراك الشائع، فإن القضية الجوهرية التي يجب حلها في قمة 12 حزيران/يونيو – وأية اجتماعات قادمة – بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون ليست قضية نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية. إن استعداد بيونغ يانغ لنزع السلاح النووي واضح بالفعل.

 

لكن الأمر غير الواضح هو ما إذا كانت أمريكا مستعدةً لمنح كوريا الشمالية ضمان أمنها وهو مطلبها الرئيسي. لا شك في أن بيونغ يانغ يمكنها تعطيل وتفكيك ترسانتها النووية. إنها فقط مسألة حول الطريقة.

 

لكنها لن تفعل ذلك إذا أصرت أمريكا على نزع السلاح النووي من جانب واحد دون أي التزام متبادل. وبالنقل عن جورج كينان، وهو دبلوماسي أمريكي مشهور: مفهوم الأمن القومي الذي يفشل في التنازل عن نفس الشرعية للاحتياجات الأمنية للآخرين يجعل نفسه عرضة للتأنيب الأخلاقي.

 

بهذا المعنى، فإن السجل التاريخي لإخفاقات أمريكا في تحقيق السلام والأمن في شبه الجزيرة الكورية غير مشجع. فشلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة في تقديم وضمان ترتيب أمني مقبول لبيونغ يانغ، وتملصت مراراً وتكراراً من فرص التوصل إلى اتفاق.

 

وتظهر التصريحات الأخيرة لمستشار الأمن القومي جون بولتون ونائب الرئيس مايك بينس – والتي أدت وبسرعة إلى تفجر الخطابات وتعليق مؤقت للقمة المخططة – أن مثل هذه المواقف مستمرة في واشنطن. كان هذا النوع من التفكير هو الذي جعل المفاوضين الأمريكيين يختارون لغة فطنة، ومواقف أيديولوجية ويختارون التحديات بدل التسويات منذ 64 عاماً.

 

التعليق:

 

الشيء الوحيد الذي يميز ترامب، في هذه المرحلة، عن أسلافه هو قلة خبرته في السياسة. وإلا فهو يلتزم بأمانة وثيقة باللعبة الأمريكية، على الأقل النسخة الأحادية منه، سواء على إيران، أو التعريفات الجمركية، أو الصين، أو كوريا الشمالية.

 

تتصرف أمريكا وفقًا للأهداف الاستراتيجية الكبرى. فأمريكا هي التي أوجدت المشكلة الكورية بغزوها لشبه الجزيرة الكورية بعد الحرب العالمية الثانية. وأمريكا هي التي أطالت المشكلة الكورية على مدى أكثر من ستة عقود. لقد وفر الحفاظ على حالة الحرب مع كوريا الشمالية مبرراً لوجودها العسكري المهم في كوريا الجنوبية طوال هذه الفترة الزمنية. كما أنه ساعد على تبرير وجود القاعدة العسكرية الأمريكية المهمة في اليابان.

 

إن الوجود العسكري الأمريكي في غرب المحيط الهادي له هدفان: أولاً تأمين المحيط الهادئ، والذي تعتبره أمريكا مياهها الخاصة. وثانياً، التعدي على الحدود الصينية والروسية لمواجهة أي توسع شرقي من جانبهما. ليس لدى ترامب أية نية لتسوية القضية الكورية. وسيسعى على الأغلب إلى تفكيك الصواريخ الباليستية الكورية العابرة للقارات التي يمكن أن تستهدف أمريكا، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية التي يمكن أن تفيد أيضاً أمريكا من خلال تصميمها لخفض الاعتماد الاقتصادي لكوريا الشمالية على الصين.

 

تتشكل العقلية السياسية الأمريكية بشكل كامل من خلال مبدئها الرأسمالي، الذي تطور من خلال حل وسط بين العلمانية الفاسدة للغرب النصراني مع القيم والمثل للإلحاد المادي الأناني. وهذا يتم ترجمته على المستوى الوطني إلى سياسة خارجية استعمارية تسعى إلى استغلال الكوكب بأسره. في غضون قرنين من الزمان، جلبت هذه الأيديولوجية الشيطانية العالم إلى حافة الدمار من تهديدات وجودية متعددة: نووية وبيولوجية وكيميائية وبيئية واقتصادية ومالية والقائمة تطول. ولكن ربما تكون أعظم جريمة هي أن الغرب قد أعاد كتابة التاريخ للخروج من السلام والعدالة التي سادت في العصر الإسلامي، حيث كانت دولة الخلافة هي القوة العظمى العالمية، ونشرت المعرفة والرخاء، والقيم الحضارية العالية لجميع شعوب العالم. لقد كان العصر الإسلامي هو الذي وفر الظروف للحضارة الغربية للتقدم، وللحضارة الصينية للازدهار. لكن الغرب تخلى عن نصرانيته، مشتهياً وراغباً في غنائم هذا العالم، مما أدى في النهاية إلى استفزازها للصين للخروج من وجودها السلمي، ووضعها بشكل مخادع على طريق عسكري فقط حتى تستفيد أمريكا من قوة موازنة صينية للاتحاد السوفييتي. والآن أصبحت هذه القوة الموازنة الصينية هي الشاغل العالمي الأول لأمريكا.

 

لن يعيش العالم أبداً في سلام طالما أن الغرب الرأسمالي العلماني المادي يهيمن عليه. بإذن الله، سرعان ما ستختبر الإنسانية وستعيش السلام والعدل في جميع أنحاء العالم عند إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وبعد تطبيق الإسلام داخلياً وحمل نوره إلى العالم كله، ومواجهة واحتواء، ثم تهدئة صراعات العالم، وإحياء الحضارة التي ترفض المادية الأساسية وتجعل الروحانية أساسها، مطبقةً آيات القرآن الكريم مثل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾. ومتمسكة بأحاديث الرسول ﷺ مثل: «اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ».

 

كان هذا هو السبب الذي جعل الأصوات داخل الإمبراطورية البيزنطية المنهزمة تقول، عندما واجهت الخلافة العثمانية من جهة والكنيسة الرومانية من جهة أخرى: “أفضّل العمامة التركية على التاج البابوي”.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فائق نجاح

 

 

2018_06_16_TLK_2_OK.pdf