إرواء الصادي- من نمير النظام الاقتصادي تفتيت الثروة بتقسيم الإرث على بنت الابن, وبنات الابن, والأم, والجدة والجدات (ح 76)
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي
تفتيت الثروة بتقسيم الإرث
على بنت الابن, وبنات الابن, والأم, والجدة والجدات (ح 76)
الحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لِلنَّاسِ أحكَامَ الرَّشَاد, وَحَذَّرَهُم سُبُلَ الفَسَاد, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيرِ هَاد, المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعِبَاد, الَّذِي جَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ الجِهَادِ, وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأَطهَارِ الأمجَاد, الَّذِينَ طبَّقُوا نِظَامَ الِإسلامِ فِي الحُكْمِ وَالاجتِمَاعِ وَالسِّيَاسَةِ وَالاقتِصَاد, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ يَومَ يَقُومُ الأَشْهَادُ يَومَ التَّنَاد, يَومَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العِبَادِ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا إِروَاءُ الصَّادِي مِنْ نَمِيرِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي, وَمَعَ الحَلْقَةِ السَّادِسَةِ وَالسَّبعِينَ, وَعُنوَانُهَا: “تَفتِيتُ الثَّروَةِ عَلَى بِنْتِ الابْنِ, وَبَنَاتِ الابْنِ, وَالأُمِّ وَالجَدَّةِ وَالجَدَّاتِ”. نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَفحَةِ الخَامِسَةَ عَشرَةَ بَعدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي فِي الإِسلامِ لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: “وَقَد شُوهِدَ فِي الوَاقِعِ، أنَّ وَسِيلَةَ تَفتِيتِ الثَّروَةِ هَذِهِ طَبِيعِيًّا هِيَ المِيرَاثُ”.
يَقُولُ الشَّارِحُ جَزَاهُ اللهُ خَيرًا: قَالَ تَعَالَى: (فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ). بَنَاتُ الابنِ لَهُنَّ خَمسَةُ أحْوَالٍ: الحَالَةُ الأُولَى: النِّصْفُ لِلوَاحِدَةِ عِندَ عَدَمِ وَلَدِ الصُّلْبِ. وَالحَالَةُ الثَّانِيَةُ: السُّدْسُ لِلوَاحِدَةِ فَأكْثَرَ مَعَ الوَاحِدَةِ الصُّلبِيَّةِ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَينِ. إِلاَّ إِذَا كَانَ مَعَهُنَّ ابنٌ فِي دَرَجَتِهِنَّ, فَيَعْصِبُهُنَّ وَيَكُونُ البَاقِي بَعدَ نَصِيبِ البِنْتِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَينِ. وَإِذَا انفَرَدَتْ فَلَهَا النِّصْفُ وَالبَاقِي. وَالحَالَةُ الثَّالِثَةُ: الثُّلُثَانِ لِلأنثَيَينِ فَصَاعِدًا عِندَ عَدَمِ الوَلَدِ الصُّلْبِ, وَعَدَمِ المُعَصِّبِ وَهُوَ ابنُ الابْنِ وَأنْ يَكُنَّ اثنَتَينِ فَأكثَرَ. وَالحَالَةُ الرَّابِعَةُ: وَإِذَا انفَرَدْنَ وَكُنَّ اثنَتَينِ فَأكثَرَ فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ وَالبَاقِي. وَبَنَاتُ الابنِ لا يَرِثْنَ مَعَ وُجُودِ الابْنِ. لا يَرِثْنَ مَعَ وُجُودِ البِنتَينِ الصُّلبِيَّتَينِ فَأكثَرَ إِلاَّ إِذَا وُجِدَ مَعَهُنَّ ابْنُ ابْنٍ بِدَرَجَتِهِنَّ أو أسفَلَ مِنهُنَّ فِي الدَّرَجَةِ فَيَعْصِبُهُنَّ. وَالحَالَةُ الخَامِسَةُ: يَرِثْنَ الثُّلُثَ إِذَا عُدِمَ الفَرعُ الوَارِثُ الأعْلَى مِنهُنَّ, وَإِذَا عُدِمَ المُعَصِّبُ وَهُوَ ابْنُ الابْنِ, وَأنْ يَكُنَّ اثنَتَينِ فَأكثَرَ وَوُجِدَ مُعَصِّبٌ يَأخُذُ البَاقِي. وَبِنْتُ الابْنِ أو بَنَاتُ الابْنِ يَحجُبُهُنَّ الابْنُ وَالبِنتَانِ لاستِغرَاقِهِنَّ الثُّلُثَينِ إِلاَّ إِذَا كَانَتْ بِنْتُ الابْنِ عَصَبَةً مَعَ ابْنِ الابْنِ. وَبِنتُ الابْنِ أو بَنَاتُ الابْنِ يَحجِبْنَ الإِخوَةَ لأُمٍّ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ). لِلأُمِّ أرْبَعُ حَالاتٍ: الحَالَةُ الأُولَى: تَأخُذُ السُّدُسَ إِذَا كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ أو وَلَدُ ابْنٍ, أو اثنَانِ مِنَ الإِخوَةِ أوِ الأخَوَاتِ مُطلَقًا سَوَاءُ أَكَانُوا مِنْ جِهَةِ الأبِ وَالأُمِّ, أو مِنْ جِهَةِ الأبِ فَقَطْ, أو مِنْ جِهَةِ الأُمِّ فَقَط. وَالحَالَةُ الثَّانِيَةُ: تَأخُذُ ثُلُثَ جَمِيعِ المَالِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ أحَدٌ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَالحَالَةُ الثَّالِثَةُ: تَأخُذُ ثُلُثَ جَمِيعِ المَالِ, وَتَأخُذُ مَا تَبَقَّى إِذَا انفَرَدَتْ. وَالحَالَةُ الرَّابِعَةُ: تَأخُذُ ثُلُثَ البَاقِي عِندَ عَدَمِ مَنْ ذُكِرَ بَعدَ فَرْضِ أحَدِ الزَّوجَينِ, وَذَلِكَ فِي مَسألَتَينِ: المَسألَةُ الأُولَى: فِي حَالَةِ مَا إِذَا كَانَتِ المُتَوَفَّاةُ زَوجَةً, وَتَرَكَتْ زَوجًا وَأبَوَينِ. وَالمَسألَةُ الثَّانِيَةُ: فِيمَا إِذَا كَانَ المُتَوَفَّى هُوَ الزَّوجُ وَتَرَكَ زَوجَةً وَأبَوَينِ. وَالأُمَّ تَحجُبُ الجَدَّاتِ, وَلا يَحْجُبُهَا أحَدٌ.
لِلْجَدَّاتِ حَالَتَانِ: الحَالَةُ الأُولَى: لَهُنَّ السُّدُسُ تَستَقِلُّ بِهِ الوَاحِدَةُ, وَيَشتَرِكُ فِيهِ الأكثَرُ بِشَرْطِ التَّسَاوِي فِي الدَّرَجَةِ كَأُمِّ الأُمِّ, وَأُمِّ الأبِ. وَالحَالَةُ الثَّانِيَةُ: يَأخُذْنَ السُّدُسَ وَالبَاقِي إِذَا انفَرَدْنَ وَكُنَّ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ. وَالقَريبَةُ مِنَ الجَدَّاتِ مِنْ أيِّ جِهَةٍ تَحجُبُ البَعِيدَةَ كَأُمِّ الأُمِّ تَحْجُبُ أُمَّ أُمِّ الأُمِّ. وَتَحجُبُ أيضًا أُمَّ أبِ الأبِ. الجَدَّاتُ مِنْ أيِّ جِهَةٍ كَانَتْ يَسْقُطْنَ بِالأُمِّ, وَتَسقُطُ مَنْ كَانَتْ مِنْ جِهَةِ الأبِ بِالأبِ أيضًا, وَلا تَسقُطُ بِهِ مَنْ كَانَتْ مِنْ جِهَةِ الأُمِّ, وَيَحجُبُ الجَدُّ أُمَّهُ أيضًا لأنَّهَا تُدلِي بِهِ.
وَقَبلَ أَنْ نُوَدِّعَكُمْ مُستَمِعِينَا الكِرَامَ نُذَكِّرُكُمْ بِأَبرَزِ الأفكَارِ التِي تَنَاوَلهَا مَوضُوعُنَا لِهَذَا اليَومِ:
1. بَنَاتُ الابنِ لَهُنَّ خَمسَةُ أحْوَالٍ:
1) الحَالَةُ الأُولَى: النِّصْفُ لِلوَاحِدَةِ عِندَ عَدَمِ وَلَدِ الصُّلْبِ.
2) الحَالَةُ الثَّانِيَةُ: السُّدْسُ لِلوَاحِدَةِ فَأكْثَرَ مَعَ الوَاحِدَةِ الصُّلبِيَّةِ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَينِ.
3) الحَالَةُ الثَّالِثَةُ: الثُّلُثَانِ لِلأنثَيَينِ فَصَاعِدًا عِندَ عَدَمِ الوَلَدِ الصُّلْبِ, وَعَدَمِ المُعَصِّبِ.
4) الحَالَةُ الرَّابِعَةُ: الثُّلُثَانِ وَالبَاقِي إِذَا انفَرَدْنَ وَكُنَّ اثنَتَينِ فَأكثَرَ.
5) الحَالَةُ الخَامِسَةُ: الثُّلُثُ إِذَا عُدِمَ الفَرعُ الوَارِثُ الأعْلَى مِنهُنَّ, وَإِذَا عُدِمَ المُعَصِّبُ.
2. لِلأُمِّ أرْبَعُ حَالاتٍ:
1) الحَالَةُ الأُولَى: تَأخُذُ السُّدُسَ إِذَا كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ أو وَلَدُ ابْنٍ أو اثنَانِ مِنَ الإِخوَةِ أوِ الأخَوَاتِ.
2) الحَالَةُ الثَّانِيَةُ: تَأخُذُ ثُلُثَ جَمِيعِ المَالِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ أحَدٌ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
3) الحَالَةُ الثَّالِثَةُ: تَأخُذُ ثُلُثَ جَمِيعِ المَالِ, وَتَأخُذُ مَا تَبَقَّى إِذَا انفَرَدَتْ.
4) الحَالَةُ الرَّابِعَةُ: تَأخُذُ ثُلُثَ البَاقِي عِندَ عَدَمِ مَنْ ذُكِرَ بَعدَ فَرْضِ أحَدِ الزَّوجَينِ.
3. لِلْجَدَّاتِ حَالَتَانِ:
1) الحَالَةُ الأُولَى: لَهُنَّ السُّدُسُ تَستَقِلُّ بِهِ الوَاحِدَةُ, وَيَشتَرِكُ فِيهِ الأكثَرُ كَأُمِّ الأُمِّ, وَأُمِّ الأبِ.
2) الحَالَةُ الثَّانِيَةُ: يَأخُذْنَ السُّدُسَ وَالبَاقِي إِذَا انفَرَدْنَ وَكُنَّ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ المَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ على منهاج النبوة في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.