Take a fresh look at your lifestyle.

سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي” الحلقة السابعة والثلاثون: أهمية استخلاف الله للأمة الإسلامية وقوة الخلافة لتكون سببا أساسيا في حفظ الدين- ج1

 

سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي”

 

للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك

 

الحلقة السابعة والثلاثون: أهمية استخلاف الله للأمة الإسلامية وقوة الخلافة لتكون سببا أساسيا في حفظ الدين[1] – ج1

 

للرجوع لصفحة الفهرس اضغط هنا

 

 

مكن الله تعالى لرسوله في حياته ولأمته من بعده في الأرض وكانت الخلافة قوية عزيزة، وقد استخدم المسلمون هذه القوة والعزة والتمكين في خدمة القرآن والسنة، فجرى جمع القرآن مباشرة بعد وفاة الرسول ﷺ وتم نسخه وتوزيعه في الأمصار في عهد سيدنا عثمان وتم نسخ كافة المصاحف في العالم الإسلامي في حينه من المصحف الإمام المكتوب زمن سيدنا عثمان وانتشرت المصاحف.

 

ثم تطورت في العصرين العصر الأموي والعباسي علوم وأدوات ووسائل ساعدت في خدمة الدين: القرآن والسنة، منها اكتشاف الورق ووجود الوراقين والنساخين والمُجَلِّدين ووجود المكتبات وانتشار العلم ووجود طلاب للعلوم الشرعية، وتكفل الدولة بهم وبنفقاتهم، وتشجيعها لهم، واهتمامها بهم، وبناء المدارس لهم، فتفرغت أروع العقول الذكية عند المسلمين في خدمة العلوم القرآنية والسنة وجميع مايلزم لها من أصول فقه وفقه وعلم كلام وكذلك اللغة والعلوم اللغوية وعلم الخط العربي الخ.

 

إن وجود المذاهب الفقهية والعقائدية المختلفة في عصر التدوين الأول لم يكن صدفة بل كان بسبب حاجةٍ، والحاجةُ هي أم الاختراع وقد تطلبت الحاجة جمع وتدوين هذه العلوم والتي كان من أهمها علوم القرآن والسنة والفقه والأصول واللغة.

 

فوجود النهضة الفكرية وكون الخلافة كانت الدولة الأولى في العالم واهتمام الخلفاء بالعلم والعلماء ووجود العلماء النوابغ وطلاب العلم واكتشاف الورق والتدوين والمكتبات كلها ساعدت في جمع السنة واللغة، ونسخ عشرات الآلاف من المصاحف في العالم الإسلامي، وحفظ القرآن في الصدور، مما أدى إلى حفظ القرآن وكذلك جرى تدوين السنة ووجود علوم السنة كمصطلح الحديث وعلم الرجال والطبقات وتم تنقيح السنة من الدس والكذب والوهم فتم بذلك حفظ السنة بتدوينها وتمييز الصحيح والضعيف منها.

 

قارن هذه الأمور مع ما جرى للأديان السابقة مثل اليهودية والنصرانية من ضياع لكتبها، حيث عذب أصحابها وقتلوا وشردوا في الأرض فضاعت التوراة والإنجيل والروايات عن سيدنا موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام، فغدت عملية النقل والكتابة والتوثيق لما جاء به هؤلاء الأنبياء مشكوكا في صحتها كتابة ومشافهة، حتى عند أصحاب وأتباع هذه الأديان فهم متشككون مختلفون فيما بينهم في العقائد والأحكام، وتنازعوا وافترقوا فرقا مختلفة بسبب ذلك، أما السبب الرئيسي فهو عدم تهيئة الله لهذه الأديان والكتب من يحفظها وينقلها لمن بعده بسبب عدم وجود دولة تحافظ عليها وترفع وتشجع العلماء والدعاة لهذه الأديان!

 

ولكن ما حصل للمسلمين والإسلام فهو شيء مختلف تماما حيث يسر الله لهذا الحفظ أسبابه وأدواته من جيل الصحابة والتابعين ومن بعدهم حتى يومنا هذا، وهذا هو الفرق بين القرآن والسنة وغيرهما من كتب الأديان السابقة، وهذا أمر يغفله الكثير من العلماء والمفكرين والمؤلفين ولا تجد أحدا منهم يلفت النظر إليه وإلى أهمية الدولة كطريقة لحفظ الدين والمبدأ الإسلامي.

 

فالحمد لله على حفظه لكتابه وسنة نبيه بالصحابة ومن بعدهم في ظل دولة الخلافة العزيزة الممكنة في الأرض، لتبقي القرآن والسنة وعلومهما محفوظة ومنقولة إلى يوم الدين دون شكوك.

 

 


[1] الأستاذ المفكر يوسف الساريسي.

 

 

2018_05_00_Khilafah_and_Imamate_in_Islamic_Thought_37_AR_OK.pdf