Take a fresh look at your lifestyle.

هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية تكشف زيف المفاهيم الرأسمالية

 

هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية تكشف زيف المفاهيم الرأسمالية

 

 

الخبر:

 

واحدة من أكثر المواضيع التي تم الحديث عنها في وسائل الإعلام البريطانية والدوائر السياسية هي هيئة الخدمات الصحية الوطنية وكيف يتم تمويلها. أسبوعاً بعد أسبوع، هنالك مناقشات كيف أن نوعية الرعاية تعاني بسبب عدم كفاية التمويل الحكومي، من جهة، والتحديات المقبلة لتوفير الرعاية الكافية للمسنين مع انخفاض القوى العاملة الشابة، من ناحية أخرى. لا يختلف هذا الأسبوع، ولكن خصوصًا أن الخدمات الصحية الوطنية تقترب الآن من عمر السبعين عامًا، فهناك تركيز متجدد حول كيفية تمويل الخدمات الصحية الوطنية.

 

صدر تقرير في 26 حزيران/ يونيو عن كيفية مقارنة خدمات الصحة الوطنية بأنظمة الرعاية الصحية العامة الأخرى في الدول الرأسمالية الأكثر تطوراً في جميع أنحاء العالم. وقد كشف التقرير أن الرعاية الصحية البريطانية لم تعد “موضع حسد العالم” – وهي عبارة استخدمها مؤسس هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وكل سياسي بريطاني فخور بها منذ ذلك الوقت – حيث وجد التقرير أن الخدمات الصحية الوطنية تؤدي أقل من المتوسط في علاج ثمانية من أصل 12 من الأسباب الأكثر شيوعاً المؤدية للوفاة، بما في ذلك النوبات القلبية وجميع أنواع الأمراض السرطانية الرئيسية. في الأساس، ركز التقرير بشكل صريح على تمويل الخدمات الصحية الوطنية ضمن العبارات التالية: “في الأسبوع الماضي، شعر تسعة أشخاص من بين كل 10 من السكان بأن هيئة الخدمات الصحية الوطنية يمكن أن تكون “عرضة لخطر الانهيار” إذا ظل التمويل على حاله خلال السنوات الخمس القادمة. وقال نايجل إدواردز، الرئيس التنفيذي لـ”نوفيلد تراست” والذي كتب التقرير: “هناك أمر واحد واضح: نحن ندير نظامًا صحيًا بموارد نادرة للغاية من حيث الموظفون والمعدات ويحقق نتائج سيئة في بعض الأمراض القاتلة مثل الناجين من السرطان”.

 

التعليق:

 

يتم تلخيص جميع المناقشات بشأن قضايا الرعاية الصحية في السؤال الاقتصادي الوحيد حول مقدار ما تدفعه الحكومة من أجله. إن ساعات عمل الأطباء، ونقص الممرضات، وعدم الكفاءة في الإدارة، والعلاجات ذات الأسعار الباهظة، وما إلى ذلك، يتم تصويرها بشكل منظم باعتبارها مشكلات تمويل في المقام الأول. حتى إن الحلول المقترحة لقوانين الهجرة المريحة للأطباء، وضرائب الثروات المقترحة لمن هم في منتصف العمر، كلها أسئلة في نهاية المطاف عن الاقتصاد الكلي، كما هو متوقع في بلد رأسمالي.

 

وفي اليوم نفسه، كشفت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن خطط أعضاء البرلمان لتقديم ضرائب جديدة للأشخاص متوسطي الأعمار، لدفع تكاليف رعاية المسنين. ومع تقدم العمر للقوى العاملة، بسبب انخفاض معدل المواليد في بريطانيا، تنخفض عائدات ضريبة الدخل، بينما يعيش كبار السن لوقت أطول، ولكنهم في حاجة إلى مزيد من الرعاية في شيخوختهم. هذه القضية تمثل حقاً المشكلة الاقتصادية، كما يرى الرأسماليون: البلد أصبح أكثر فقراً بينما تتزايد احتياجات الناس.

 

عانت البلدان الرأسمالية، ولا تزال تعاني، من السيطرة الظالمة للأغنياء على الفقراء، وأشكال التباين الصارخة بينهم. في الواقع، أظهرت التقارير الأخيرة أن متوسط اقتصاد الرئيس التنفيذي بالنسبة لأجور العمال في أمريكا كانت 339 إلى 1، وكانت أعلى فجوة للتفاوت هي 5000 إلى 1. يعتمد الاقتصاد الرأسمالي على فكرة أن الناس يجب أن يأخذوا كل ما هو متاح من الثروة وفقا لقدراتهم.. وقد دفعهم هذا إلى الاعتقاد بأنه لا توجد ثروة كافية لاحتياجات الناس، لذا فإن مشكلة الفقر هي نقص الثروة المتاحة للناس ككل، وليس الأفراد واحتياجاتهم الفردية.

 

إن نظرة الرأسماليين إلى المجتمع على أنه مجرد تجمع للأفراد، على الرغم من تناقضها مع الواقع، قد دفعتهم إلى النظر بعناد إلى مثل هذه المشاكل على كونها مشاكل تتعلق بنقص الأموال المتاحة للبلد ككل. ولذلك، فإن حلولهم تركز في المقام الأول على إلقاء المزيد من الأموال على المشكلة، بعد جمع تلك الأموال من خلال تنمية الاقتصاد وزيادة الضرائب وطرق أخرى أكثر انحرافاً. لا شيء يعتبر بعيداً بالنسبة للرأسمالي الذي يريد زيادة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، كما أظهر التاريخ.

 

إن الرأسماليين الأثرياء لا يتأثرون بشكل مباشر بمعاناة الفقراء، ولا حتى بافتقار الدولة للخدمات الصحية الوطنية، لذا ليس لديهم الحافز الكبير للاهتمام بتصحيح نظرتهم حول المجتمع وكيفية حل مشاكله، حيث إن نظرتهم الحالية تخدم مصالحهم؛ مصالحهم الخاصة جداً. ومع ذلك، فإن بقية الناس يتأثرون بشدة بهذا التفاوت وباضطهاد الطبقة الثرية التي تجثم فوقهم. ينبغي لهم، وبسرعة، تصحيح وجهة نظرهم حول طبيعة المجتمع. يجب أن يكون واضحًا تمامًا أن الاقتصاد ليس مجرد وعاء يمكن أن يتخذه كل فرد وفقًا لقدرته، وأن دور الحكومة ليس فقط زيادة حجم الوعاء. هذه ليست الحقيقة، لكن التمسك بهذه الفكرة الخاطئة هو السبب في أن يصبح الرأسماليون أكثر ثراءً يوماً بعد يوم، على حساب الناس العاديين الفقراء.

 

إن مشكلة الخدمات الصحية الوطنية، والطريقة التي يتم مناقشتها اليوم، هي مشكلة رأسمالية كلاسيكية لإهمال الاحتياجات الفردية للناس وتركيز انتباههم على النظرة الخاطئة للمجتمع والاقتصاد، والتي تجعل الفقراء يعملون بشكل أكبر فقط لزيادة إثراء النخبة الغنية بالفعل.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

يحيى نسبت

الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا

 

 

2018_06_29_TLK_2_OK.pdf