سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي” الحلقة التاسعة والسبعون: الأنظمة الخاصة، التشريعات والقوانين
سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي”
للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك
الحلقة التاسعة والسبعون: الأنظمة الخاصة، التشريعات والقوانين
للرجوع لصفحة الفهرس اضغط هنا
ثالثا: الأنظمة الخاصة، التشريعات والقوانين
ومن ثم توضع “وظيفة” سن القوانين بيد السلطة التشريعية[1]، وتهدف القوانين إلى تنظيم سلوك الأفراد في المجتمع، بحيث تتوافق الأنظمة والقوانين الجديدة مع مقتضيات الدستور، وبحيث يحصل ضمان التناسق التشريعي، فلا تعارض القوانين بعضها البعض، وبحيث تراعي القوانين المرتكزات والمخططات الاستراتيجية للدولة وأهداف وغايات سياساتها العامة، بغرض تكريس أو حماية “قيم معينة” ومراعاة “الأثر” السياسي والاجتماعي والاقتصادي لكل نص قانوني.
وغالبا ما يهتم الباحثون في “العلوم القانونية” بالقوانين بعد صدورها، خاصة من حيث تفسيرها، وتطبيقها، ولا يعيرون اهتماما لما قبل ذلك[2]، أي الدوافع السابقة لصدورها، ولا عن قدرة تلك النصوص على تحقيق قيم معينة بشكل حقيقي، ولا عن تعارض تلك القيم مع قيم أخرى غالبا ما توجد في المجتمع والحياة،
من ذلك مثلا، أن الأنظمة الوضعية غالبا ما تدعي أنها تريد بقوانينها وأنظمتها تحقيق: الالتزام الفعلي بحقوق الإنسان[3]، وحمايتها، والنهوض بها، أو قد يكون الدافع لسن القوانين: تحقيق الحرية، فينظر للعلاقة بين الذكرين على أنها علاقة مشروعة لتحقيق حريتهما في فعل ما يشاءان، فالشاهد من هذا كله أن القوانين الخاصة لا تنبثق عن النظام العلماني أي عن العقيدة العلمانية، تلك العقيدة التي من كثرة ما كانت مرنة انقلبت على نفسها ولم تعد أكثر من هيكل لضمان أن يفصل المشرع قوانينه عن القيم القادمة من الدين والأخلاق والعادات وغيرها من المصادر، وبعد ذلك للمشرع أن يشرع ما يراه محققا لقيم هلامية قابلة للتأويل ذات اليمين وذات الشمال غير منضبطة، مثل تحقيق الحريات، أو ما يسمى بتحقيق حقوق الإنسان!
وأما في الشرع، فإن القوانين الخاصة التي يستنبطها القضاة من مادة الفقه الإسلامي المستنبط من الكتاب والسنة منضبطة بضوابط الشريعة، ومنبثقة عن العقيدة الإسلامية وتستنبط وفق أصول دقيقة محددة. فأي الفريقين أحق بالأمن؟
[1] وبدراسة آليات سن القوانين في دول مختلفة تمارس “الديمقراطية”، نجد أن مشروع القانون يسنه خبراء قانونيون ثم يقدمونه للتصويت والمصادقة عليه، أو لتعديله بحيث لا تخرج التعديلات عن موضوع مشروع القانون، فدور السلطة التشريعية “مناقشة وإقرار القوانين” لا “سن القوانين”، وهناك آليات كثيرة تتدخل فيها المحكمة الدستورية، وأحيانا يتطلب الأمر مصادقة أطراف أخرى، أو الحصول على نسب معينة من الأصوات في مجلسي الشيوخ والنواب، أو الأعيان والنواب، وهكذا، فهناك آليات كثيرة “تضمن” سير العملية التشريعية بما يناسب سياسات الدول!
[2] بتصرف عن المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، الدورة الثانية مراكش 2014.
[3] حقوق الإنسان أو الحريات المدنية تشكل جزءا أساسيا من دستور البلاد، وتنظم حقوق الفرد ضد الدولة.
2018_05_00_Khilafah_and_Imamate_in_Islamic_Thought_79_AR_OK.pdf