حظ أردوغان الاقتصادي ينهار
(مترجم)
الخبر:
بعد أسابيع من الفوضى والاضطرابات، جاءت قطر إلى تركيا لإنقاذها حيث إن هبوط عملتها تسبب في أزمة اقتصادية حادة. عرضت قطر على تركيا 15 مليار دولار من الاستثمارات وفقاً للمسؤولين الأتراك، في أعقاب اجتماع بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس رجب طيب أردوغان في أنقرة يوم الأربعاء 15 آب/أغسطس. يعتبر هذا انعكاساً كبيراً لحظ أردوغان الذي بنى الكثير من مصداقيته الداخلية على الأداء الاقتصادي القوي حتى إنه حصل على لقب “Erdogonomics”. لكن المشاكل الأساسية التي تسببت في هذه الأزمة لم يتم التصدي لها وستستمر في مطاردة أردوغان.
التعليق:
منذ أن تولى أردوغان السلطة عام 2002، جعل نفسه مع نخبة رجال الأعمال. سافر أردوغان إلى الصين والبرازيل والهند وروسيا والقارة الأفريقية بطائرات محملة برجال ونساء أعمال، من أجل تعزيز المصالح التجارية التركية. ورأى أصدقاؤه ومؤيدوه القطاع العام بأكمله يخصخص تدريجياً، وهو ما أدى لاحتفاظ الأنظمة العسكرية السابقة بقبضةٍ مُحكمة. أصبحت الاستثمارات العامة في البنية التحتية ممكنة دون الإثقال على الخزانة، من خلال أسلوب الخصخصة “بناء – إدارة – نقل”. خلق هذا الأمر فرصاً هائلة لأصدقاء أردوغان التجاريين وسمح للعديد من المجموعات ذات الدخل المنخفض بتسلق سلم الثراء. بحلول عام 2013 احتفل أردوغان بتسديد آخر قروض تركيا إلى صندوق النقد الدولي بعد علاقة استمرت 52 عامًا. بحلول عام 2014، أصبحت تركيا واحدة من الدول الناشئة (المكسيك وإندونيسيا ونيجيريا وتركيا) والتي كانت تعتبر العملاقة الاقتصادية القادمة.
على عكس الدول الأخرى ذات النمو المرتفع مثل الصين، التي ركزت اقتصادها على تصنيع وتصدير المنتجات إلى السوق العالمية، أو روسيا، التي نمت نتيجة الطلب العالمي على سلعها: كان الازدهار في تركيا قائماً على الاستهلاك المحلي. وبينما نمت قدرات التصدير التركية، لا سيما في السلع مثل الغسالات والأجهزة الكهربائية الأخرى، كان نموها يعتمد بشكل كبير على الاستهلاك وقطاع البناء. لقد كان جزء كبير من التوسع الاقتصادي التركي على مدى السنوات القليلة الماضية نتيجة الانفجار التمويلي للمباني عن طريق الائتمان السهل الذي ذهب إلى عمالقة البناء والتنمية الذين كانوا من حلفاء أردوغان السياسيين، من خلال توفير ضمانات قروض الدولة وأدوات أخرى لتخفيف الديون. كما أدت موجة من الاستثمار الأجنبي المباشر من ألمانيا وفرنسا وهولندا في العديد من قطاعات الاقتصاد التركي إلى نجاحات اقتصادية في البلد.
تم بناء نجاح أردوغان الاقتصادي على الاقتراض الأجنبي، الذي بلغ اليوم 451 مليار دولار، وهذا يمثل أكثر من 50٪ من الناتج المحلي الإجمالي. فقد اتسع عجز الحساب الجاري، والفجوة بين وارداتها وصادراتها، إلى 47.1 مليار دولار في عام 2017 مقارنةً بمبلغ 32.6 مليار دولار في العام السابق. جاء نموذج أردوغان الاقتصادي مرتبطًا بالمباني الشاهقة اللامعة، وأعمال البنية التحتية العملاقة ومعدلات النمو المرتفعة، ولا يدرك أن نموذج نمو تركيا يعتمد بشكل كبير على الإنفاق الاستهلاكي والبنية التحتية ومشاريع البناء التي ترعاها الحكومة والممولة من التدفقات المالية المضاربة بدلاً من الاستثمار المستمر في التصنيع. لقد انخفض معدل الادخار في تركيا باطراد منذ عام 1990، وحالياً لديه واحد من أدنى معدلات الادخار في العالم. إن معدل الادخار المنخفض يعني أنه من أجل جذب المزيد من الودائع، يجب أن تكون معدلات الفائدة على الودائع عالية. لدى تركيا سعر فائدة أعلى على الودائع نسبةً إلى متوسط المعدلات في بقية العالم، وهذا بدوره يجذب “الأموال الساخنة”، الأموال التي تبحث عن الربح على المدى القصير.
لم يكن نموذج أردوغان الاقتصادي دائماً على الإطلاق، وكان يركز على المكاسب على المدى القصير بدلاً من بناء اقتصاد مستدام قائم على المصادر المحلية، مثل التصنيع. وبدلاً من ذلك، اعتمد أردوغان على الاقتراض من مصادر خارجية، مما جعل الأمة تعتمد على مشاعر الدائنين الأجانب. هذا النوع من النمو مستدام ما دام المستثمرون الأجانب يعتقدون أنهم يستطيعون تحقيق عائد أفضل لأموالهم في تركيا أكثر من أي مكان آخر. عندما يفقدون الثقة، يمكن أن يؤدي فقدان السيولة الناتجة إلى مشاكل كبيرة.
لقد أصبح سحر أردوغان مكشوفًا الآن، فقد بنيت معجزته الاقتصادية في الواقع على الرمال، التي تنهار الآن.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عدنان خان