اهزموا الدولار ولا تدوروا معه حيث دار
يكاد الدولار الأمريكي يتجاوز الـ600 ريال يمني في ظل تجار الحروب المتصارعين وحيتان الفساد ومنظومة القوانين الوضعية الرأسمالية، ومعظم المعالجات التي نحن بصددها للوضع الراهن في اليمن أو بلاد العالم الإسلامي بعامة إنما تطبقها دولة مبدئية تتخذ الإسلام عقيدةً ومنهاجاً في جميع جوانب الحياة ولا ينفع أن تأخذ جانباً من الجوانب وتدع الجوانب الأخرى لتعالج المشكلات والأوضاع التي تعصف بها.
إننا نعلم أن حالة الحرب في اليمن شاركت كثيراً في تدهور الأوضاع الاقتصادية وغير الاقتصادية في البلاد وأن الأمم المتحدة تمنع عبر أدوات الصراع الدولية أو الإقليمية، تمنع المتحاربين المحليين من التصرف بثروات البلاد والتصدير للثروات وتفرض الحصار وتتخذ غير ذلك من الإجراءات الإجرامية، كل ذلك لكي تفرض الحل الذي تريده أمريكا خاصة وبريطانيا بعدها، الدولتان المتصارعتان في اليمن حال اتفاقهما لتجبر الأطراف المتصارعة على الالتقاء في مفاوضات سلام بعد أيام في جنيف تحت حجة الخوف من الانهيار الاقتصادي أو الجانب الإنساني الذي تمر به البلاد.
ومع ذلك فإن الاقتصاد لن يتحسن بإيقاف الحرب وإن كان إيقاف الحرب والقضاء على أسبابها لضمان عدم عودتها من أهم الواجبات اليوم التي يجب على أهل اليمن المسارعة للقيام بها، لكن ذلك لا يعني انتهاء معاناة أهل اليمن بل الواجب عليهم كي ينعموا بالحياة الكريمة والاقتصاد القوي الذي به يهزموا الدولار أن يقوموا بالآتي:
1- تطبيق الإسلام بإيجاد دولته التي تطبقه وهي دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ تطبق الإسلام عقيدة ينبثق عنها نظام للحياة في جميع مناحيها ومنها نظام الاقتصاد.
2- الدولة في الإسلام يجب أن تكون ذات وظيفة، ووظيفتها أنها دولة رعاية وهداية وليست دولة فساد وجباية، فلا يجوز لها أن تجعل للدولار عليها سلطاناً فتصبح مرتبطةً به ومرتهنةً تتقلب بحسبه، بل يجب عليها العمل للخروج الآمن من تبعات التعامل به وذلك بإيجاد نظام الذهب والفضة الذي يمتلك قيمة ذاتية ثابتة عالمياً ولا يتعرض لهزات اقتصادية كالدولار الذي يمتلك قوته من قوة أمريكا السياسية وليس له قيمة ذاتية.
3- العمل لتحقيق الاكتفاء الذاتي والإنتاج لما هو أساسي وضروري والتقليل من الكماليات إنتاجاً واستيراداً، وتحويل البلاد إلى الصناعات الثقيلة التي تلزم لاكتفاء الدولة في احتياجاتها وتسليحها بما يؤهلها لرعاية شؤون الناس والدفاع عنهم وحمل رسالتها للعالم.
4- توزيع الثروات حسب أحكام الشرع بين الرعية؛ فالملكيات العامة من نفط ومعادن ومراعٍ وشواطئ وخلجان وأنهار ومصادر النار وكل ما هو من الملكيات العامة لا يحق للدولة خصخصته ولا إعطاء الامتيازات لشركات أجنبية فيه، بل تستأجر الدولة ما يلزمها من معدات وعمال وتنفق عليهم من هذا المال ثم تشرف على توزيعه بين الرعية بالتساوي أو تنفقه في ما يجب الإنفاق عليه من مصالح الرعية.
5- تقوم الدولة بحث الناس على العمل وتحثهم على الإنتاج اللازم لإشباع الحاجات الضرورية وتعمل لاستغلال الثروات والطاقات الاستغلال الصحيح، وتحسِّن قانون الأجور والمرتبات حسب أحكام الشرع لا حسب أحكام القوانين الوضعية ونظرية الالتزام الغربية.
6- تمنع البنوك الربوية والتعاملات الربوية وتحاسب المحتكرين وتمنع التعامل بالبورصات العالمية والاقتصاد الوهمي وتوفر الأمن والأمان لجلب الاستثمارات وعودة أصحاب رؤوس الأموال إليها.
7- إذا أصدرت الدولة عملة ورقية لا بد أن تكون نائبة عن الذهب والفضة ويمكن استبدالها في أي وقت وبذلك فإنها ستكون قوية، ومن الطبيعي أن يعدل الناس عن الدولار والتعامل به لأن الدولار متقلب وغير مستقر ويتعرض لأزمات عنيفة بينما النقد الذهبي أو الفضي أو النائب عنهما ليس كذلك.
8 – تمنع الدولة أي صناعة أو استيراد لصنف أو فرد معين يضر بالإنتاج المحلي وتضبط جودة الصناعات لتجعل الناس يشترونها سواء في الداخل أو الخارج.
9- تقوم الدولة بالإنفاق على الأمور الضرورية وتنتجها وتمكن الأفراد منها ولا تهتم بالأمور والمصانع الثانوية إلا بعد استيفاء الضروريات للدولة والأمة، وعلى الدولة منع امتلاك الأفراد لمصانع الملكيات العامة كمصافي النفط أو مصانع السلاح الثقيل أو مصانع استخراج الحديد أو الذهب من المناجم، لأن الصناعة تأخذ حكم ما تنتجه.
10- المشكلة ليست آتية من قلة الإنتاج ولا من قلة الثروة بل المشكلة تكمن في كيفية توزيعها توزيعاً عادلاً مهما كانت كميتها وهو ما يهتم به النظام الإسلامي أيما اهتمام وقد وضع لمعالجته العديد من الأحكام.
11- الدولة المبدئية القائمة على أساس الإسلام تمنع كل ما يخالفه وتعاقب عليه، والدول القائمة اليوم ليس لها رسالة ولا مبدأ ولا تحمل هماً إلا جباية الناس والتسلط عليهم ومشاركتهم في أموالهم بينما الدولة الإسلامية الواجب العمل لإيجادها هي دولة هداية ورعاية تعطي ولا تأخذ إلا بما أمرها الشرع بأخذه.
12- إلغاء الضرائب الجمركية لأنها ليست من الإسلام وهي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، فثمن السلعة المستوردة حتى وصولها لميناء البلاد تكون بسعر قليل ثم يتم جمركتها وفرض الضرائب عليها من أطراف الصراع ربما مرتين أو أكثر ليصبح سعرها مضاعفاً!! يؤدي ذلك إما إلى هروب التجار والمستثمرين من البلاد أو رفعهم للأسعار والضحية هي الشعب. بينما في الإسلام لا يوجد ما يسمى بالضرائب الجمركية على رعايا الدولة.
13- الموظف الحكومي راتبه بما يساوي 70000 ريال يمني (كمثال) لكن الدولة تفرض عليه ضريبة شهرية حيث كل شهر تخصم من راتبه الذي لا يسد حاجاته الأساسية 15000 ريال فتخصمها منه ظلماً وجوراً، لقد أعفاه الإسلام من الزكاة بل ربما عُدَّ من مستحقيها، ثم تأتي دول الفساد لتفرض عليه ضريبة جائرة!!
14- مثال بسيط: بلاد المسلمين ومنها اليمن مثلاً تمتلك ثروات عظيمة منها الغاز الطبيعي باحتياطي يقدر بـ18 تريليون متر مكعب لكن تجار الحروب واللصوص يبيعونه للأجنبي بسعر زهيد بينما يباع لأهل البلد بـ4000 ريال أو أكثر!!
فالأزمة إذاً ليست أزمة غاز بل هي أزمة توزيع عادل في ظل البعد عن الإسلام وغياب دولته الراعية التي ستوزعه بالتساوي لأنه من الملكيات العامة شرعاً ولا يجوز أن تتملك حقوله لا شركات ولا أفراد ولا الدولة، فالدولة تشرف عليه إشرافاً كالإشراف على مال اليتيم لا أن تتملكه وتأكل حقوق العامة.
15 – هذه بعض النقاط اللازم اتخاذها – كتبتها على عجالة – والتي من خلال تطبيقها يتم إقامة اقتصاد حقيقي يقوم على الإسلام ويحقق نهضة رائدة ليست مادية فقط بل نهضة تتحقق من خلالها كل القيم الروحية والأخلاقية والمادية والإنسانية في المجتمع، وذلك لرعاية رعايا الدولة مسلمين وغير مسلمين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المؤمن الزيلعي
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
2018_09_04_Art_Defeat_the_dollar_and_do_not_spin_with_it_AR_OK.pdf