عجباً لأمةٍ أكرمها الله بصلاح الدّين اتّخذت غاندي بطلاً!
الخبر:
بمناسبة الذكرى الـ150 لميلاد مهاتما غاندي، عرض برج خليفة في دبي بعض الصور والمقتبسات الشهيرة للسياسي البارز والزعيم الروحي للهند. (CNN)
التعليق:
ولد مهاتما غاندي في 2 تشرين الأول/أكتوبر من عام 1869، وفي اليوم نفسه من عام 1187 أنهت قوات صلاح الدين الأيوبي حصارها للقدس بالسيطرة على المدينة، فأي الحدثين أقرب لهوية المسلمين وعقيدتهم؛ ذكرى ميلاد غاندي أم تحرير القدس؟! وأي الشخصيتين أولى لتذكير أجيال الأمة بها لتكون قدوتها وتقتفي سيرتها؛ المسلم المجاهد البطل الذي أعاد مسرى رسول الله إلى حضن الأمة بعد 88 عاماً من حكم الصليبيين، أم الهندوسي غاندي المتعصب لهندوسيته الوثنية؟
لا عجب من أن يختار عملاء الإنجليز دعاة التسامح وقبول الآخر، الذين أعلنوا الحرب ضد الإسلام وفتحوا البلاد للملاحدة والمشركين وأقاموا فيها معابد للوثنيين ونفوا منها الأتقياء المخلصين، لا عجب من أن يختار هؤلاء تغييب بطولات صلاح الدين وتمجيد عابد البقرة الذي تعمد الإنجليز تلميعه ليسرق ثورة تحرُّر الهند من الزعماء المسلمين المنادين بالاستقلال وساندوه على إبراز الهندوسية وطمس الهوية الإسلامية.
فمن الأساليب الخبيثة التي يتبعها الغرب الكافر وعملاؤه الذين يخدمونه في حربه ضد الإسلام ومنع عودته إلى الحكم والحياة خلقُ أجيالٍ ضائعة مسخة من أبناء الأمة وطمس هويتها من خلال قطع صلتها بماضيها وتغييب أبطالها وإنجازاتهم وتشويه القدوات الحقيقية التي تزخر بها الأمة في تاريخها القديم والحديث وفي واقعها المعاصر. والقيام بالتوازي مع ذلك على صناعة مثلٍ عليا زائفة والترويج لنماذج بعيدة عن الإسلام وإظهارها كقدوات بطولية.
سياسة تجهيل النشء بثقافتهم وتاريخهم الإسلامي وتغييب القدوات الصالحة والترويج لقدوات لا تمت للإسلام بصلة تتم يداً بيد مع حملة تشويه ممنهجة لأفكار الإسلام ومثله وقيمه ووصمها ومن يحملها بـ(التطرف الديني) والتخلف و(الإرهاب)، وذلك ضمن أجندات دول الغرب الكافرة في محاربة الإسلام تحت عنوان عريض ومضلل اسمه (محاربة الإرهاب). تلك الحملة الشرسة ضد الإسلام التي تتعاون الأنظمة الحاكمة في بلادنا في تنفيذها تسعى إلى تنفير أبناء الأمة من مفاهيم الإسلام التي صنعت أبطالهم الحقيقيين وقدواتهم الطاهرة، فجعلت فتوحات خالد ومحمد الفاتح عنفاً، وجهاد صلاح الدين وهزيمته للصليبيين هو ما يصطلح عليه (بالإرهاب)، ولقبت السلطان عبد الحميد الثاني بالسفاح والسلطان الأحمر قاتل الأرمن! أما التعاون مع المستعمر وتبني فكره ورفض المقاومة المسلحة للاحتلال فهو الكفاح المشروع المتحضر. ففي الإعلام والمناهج الدراسية يظهر غاندي على أنه زعيم وطني حر ورمز للصمود مقاوم للإنجليز في بلاده ويساعد الآخرين في التحرر… وأصبح نيلسون مانديلا “نموذًجاً يحتذى به في المصالحات الوطنية وبناء الديمقراطيات”، كما عبّر عن ذلك الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوسف العثيمين، الشهر الماضي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك والذي قال أيضا إن منظمته تتطلع إلى تحقيق تجربة هذا الزعيم النصراني في اليمن والعراق وسوريا!
إن مكر ودهاء أعدائنا لَشديد، وإن الأمة التي أنجبت آلاف العظماء الذين أضاءت بهم صفحات التاريخ هي في غنى عن تلك القدوات الفاسدة والأبطال الوهميين الكارهين للإسلام الذين صنعهم الكافر المستعمر من مسلمين وغير مسلمين لخدمته ونشر فكره ودعم مبادئه وتآمره ضد الإسلام، بل هي في أمسّ الحاجة اليوم في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها وتشوقها للتغيير، إلى قدوات حقيقية وقادة مخلصين يقودونها نحو التحرر من عبودية الغرب والمنظومة الدولية وإعادة مجد الإسلام وعزته تحت ظل دولة الخلافة الراشدة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فاطمة بنت محمد