هل يرفضون “الزواج المبكر” حقاً؟!
ضمن حملة: الأسرة: التحديات والمعالجات الإسلامي
“الزواج المبكر عادة ذميمة”، “الزواج المبكر كارثة بحق كل من الولد والبنت”، “يؤدي إلى مشاكل نفسية وصحية وأسرية وضياع حقوق الأطفال”… مثل هذه الجمل تتكرر دائماً في الندوات والمؤتمرات التي تعقدها المؤسسات النسوية أو مراكز حقوق الإنسان. وحتى في مجالس البرلمان في دول عديدة عند تشريع قوانين تتعلق بالأسرة، ويكون التوجه في مثل هذه الحالة لرفع سن الزواج أو اقتراح تعديل قانون يحظر الزواج على فئات الشباب في سن محددة.
لا تفتأ المؤسسات النسوية – المرتبطة بالأنظمة والممولة من الغرب – في بلاد المسلمين تنظم الندوات التي تحذر من الزواج المبكر، وتدعو الأهالي لمحاربته، بل وترفع المطالب بسن قوانين تمنع تزويج “المراهقات”. وقد تم هذا بالفعل في مصر التي حددت سن الزواج بـ18 سنة ميلادية كاملة، كما ذكر موقع بوابة البرلمان المصري في تاريخ 2017/9/9 أنه من المقرر مناقشة قانون سيُقدم للبرلمان لرفع سن زواج الفتيات إلى 21 عاماً؛ والمغرب التي حددته بـ16 سنة للفتاة و18 للشاب. بحيث تصبح السن القانونية شرطاً من شروط الزواج التي لا يمكن عند غيابها تسجيل الزواج. وهذا يتوافق مع المواثيق الغربية المتعلقة بهذا الشأن كاتفاقية سيداو التي تركز على الأنظمة والتشريعات المتعلقة بتنظيم شؤون المرأة والرجل والعلاقة بينهما، كما تعتبر ملزمة للدول الموقعة عليها وتفرض توافق التشريعات في تلك الدول معها. لكن: المواثيق الدولية التي تسعى لمنع الزواج المبكر وترى فيه جريمة بحق الأطفال وانتهاكاً لحقوقهم، هل يتم تطبيقها في منشئها؟
ذكرت جريدة الشرق الأوسط في 2010/5/18 تحت عنوان “هذا العدد الهائل من الأطفال الحوامل”: وذكر في الخبر: “إن عدد الأطفال الأمهات الحوامل من غير زواج يبلغ 70% من عدد المتزوجات. و55% من كل ألف طفلة حامل. و68% من الأطفال الذين ولدوا في بريطانيا هم من أبوين لم يتزوجا. كما ذكر موقع mbc في تاريخ 2012/1/23 تقريراً عن حمل المراهقات كان بعنوان “النسبة الأعلى عالميا وأعمارهن بين 15 و19 سنة: مراهقات أمريكا ينجبن 400 ألف طفل سنويا بلا زواج”، ذكرت فيه أن أمريكا سجلت أعلى نسبة ولادات في أوساط المراهقات في العالم المتقدم”. انتهى التقرير.
والأرقام التي تكشف عدد القاصرات اللاتي يتعرضن للتحرش والاغتصاب والعلاقات بين الأطفال في المدارس في أمريكا وأوروبا والفتيات الحوامل في المدارس الغربية مهولة، فلا مجال للإفاضة.
إذاً فكل المواثيق الدولية التي يتم تطبيقها بدعم الحكومات العميلة في بلاد المسلمين واعتبارها قوانين وتشريعات نافذة لتنظيم شؤون الأسرة وعلاقة الرجل المسلم بالمرأة المسلمة، ليست سارية المفعول عند من صدَّروها لنا (!) ولا عجب ففاقد الشيء لا يعطيه. كيف ينادون بتأخير سن الزواج في بلادنا، وهم في مدارسهم يوزعون حبوب منع الحمل على التلميذات لتقليل نسبة مواليد الزنا؟؟ أم أنَّه خلف الأكمة ما وراءها؟
أنقل اقتباساً حول الموضوع يلخص الهجمة على الزواج المبكر رغم قوانين الحرية الشخصية التي تنص عليها ذات المواثيق التي تجرم الزواج المبكر.
“أليس من المضحك والمبكي معا إطلاق اسم “زواج الأطفال” على زواج الفتاة في سن 17، لا بل اعتبار هذا الزواج مأساة في حق الفتاة، وفي نفس الوقت يُعدّ جسد الفتاة ملكها وحدها ولها حرية التصرف فيه كيفما تشاء في الوقت الذي تشاء، ولا يحق لأي شخص – مهما كان – التحكم فيها ولا بميولها الجنسية، حتى لو كان والدها أو والدتها، بل من حقها أن تشتكي أبويها إن هما ضايقاها وتدخلا في حريتها الشخصية؟”.
إن الحرب التي تُشن على الزواج المبكر ليست وليدة اليوم، وهي ليست إلا حلقة في مسلسل افتعال القضايا، ضمن الحرب على الإسلام وأحكامه. وإلا فكيف نفسر اعتبار الزواج المبكر خطراً على صحة الفتاة عند حملها، ووجود قوانين ضمن اتفاقية سيداو وغيرها تطالب بحق المراهقات الحوامل في مواصلة التعليم دون إدانة حمل السفاح، بالإضافة إلى سن قوانين للتعامل مع حمل السفاح وتخيير الفتاة بين رغبتها في الإجهاض أو إبقاء الحمل؟
إنَّ هذه التهم والحجج الواهية التي ثبت بطلانها طبِّياً وواقعاً وكذبتها الوقائع الملموسة والإحصائيات عن نسب الولادات والوفيات وأعمار الأمهات، ليست إلا جعجعة صاخبة تهدف لا لحماية الطفولة أو تحرير المرأة بل لأجل حرية الوصول للمرأة. وبشكل أوضح هي جهود حثيثة لمحاربة الإسلام وأحكامه المتعلقة بالأسرة وحماية المجتمع من مستنقع الرذيلة والفجور. وكلُّ واحدٍ يوافقها أو يبرر لها ليس إلا سهماً يغرز في صدر الأمة. ولا أستثني هنا من يحاول قولبة أحكام الإسلام أو تأويلها لتوافق القوانين الدولية. فالزواج المبكر من الإسلام وهو شرع ربِّنا وليس لأي إنسان انتقاده أو تسويغه بحجة الدفاع عن دين الله…
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أختكم بيان جمال
2018_10_13_Art_The_secular_attack_on_Early_marriage_AR_OK.pdf