فشل اجتماع أستانة
الخبر:
نقلت العربية نت 2018/11/29 عن المبعوث الأمريكي الدولي إلى سوريا، دي ميستورا، في بيان يوم الخميس أنه اعتبر أن روسيا وتركيا وإيران أخفقت في تحقيق أي تقدم ملموس في تشكيل لجنة دستورية سورية خلال اجتماع في أستانة حول سوريا. وذكر البيان: “المبعوث الخاص دي ميستورا يأسف بشدة.. لعدم تحقيق تقدم ملموس للتغلب على الجمود المستمر منذ 10 أشهر في تشكيل اللجنة الدستورية”.
التعليق:
يكون الفشل والنجاح بحسب وجهة النظر الذي ينطلق منها السياسي، فهذا الاجتماع يأتي بعد هدوء نسبي في إدلب فرضه الرفض الأمريكي للحرب على إدلب، لذلك كان تحريك الملف السوري في أستانة في هذه الأيام بإرادة روسية على أن يقرب هذا الاجتماع روسيا من الخروج من ورطتها في سوريا التي علقت بها ولم تستطع المغادرة كما أرادت.
نعم فشل اجتماع أستانة في التقدم بأي خطوة في مسألة اللجنة الدستورية التي أعلنتها روسيا في مؤتمر سوتشي الأخير بداية هذا العام، وذلك لأن أمريكا تريد أن لا تنجح روسيا لوحدها في سوريا، وهي تدفع بتركيا وإيران لإيجاد الصعوبات للجهود الروسية، فكان فشل روسيا في تشكيل اللجنة الدستورية متوقعاً لأن أمريكا لا تزال بعيدة عن المشهد السياسي في سوريا حتى وإن كان بيد وكلائها.
لكن الأصح قوله إن سلسلة اجتماعات أستانة كانت مدمرة لثورة الشام المباركة، فمنذ بداية تلك الاجتماعات على وقع انسحاب الفصائل من شرقي حلب فقد أخذت الفصائل المقاتلة تتراجع مع الضغط التركي المستمر عليها، وأخذ النظام يتقدم حتى لم يتبق للمعارضة من منطقة تسيطر عليها إلا إدلب، والتي أخذت الاتفاقات الروسية التركية تضيق عليها مساحتها باقتطاع عملي للمنطقة العازلة منها.
ومن وجهة النظر هذه فإن اجتماعات أستانة قد ساهمت بقوة في إخماد الثورة المباركة في الشام، واليوم لا تزال الفصائل الموالية لتركيا على النهج ذاته رغم كل ما ظهر من عوار أستانة، وزد على ذلك بأن وقفاً دائماً لإطلاق النار قد صار مطلبها بعد أن كان أمنية النظام وأول أحلامه!!
فهل يدرك السائرون في ركاب أستانة بأن اللجنة الدستورية ووقف إطلاق النار والمنطقة العازلة والاتفاقات التركية الروسية كلها خطوات على طريق تصفية الثورة السورية؟! وهل يدرك هؤلاء بأن قادة الفصائل الذين يشاركون في أستانة يُغرقون المركب، وأن من واجب من يسير خلفهم أن يترك مركبهم ويركب سفينة النجاة، تلك السفينة التي تقود إلى سعادة الدنيا بإقامة حكم الله وسعادة الآخرة بدخول الجنة؟!
يخطئ من يظن بأن سوريا اليوم يمكن أن يعاد بها إلى ما قبل 2011، فقد ولى عصر الذل، وجاء عصر فيه رجال أشداء، لا يخشون في الله لومة لائم، وهم في امتحان طويل بسبب خيانة القادة وسيرهم في ركب أردوغان باتجاه الحل الأمريكي، وهذا لن يدوم حتى يأخذ أهل الخير بزمام المبادرة ويقلبون الطاولة على أشرارهم، ويكون لهم صولة وجولة من جديد، فتهب الأمة كلها معهم، فيكون بإذن الله وعد الله العظيم بإقامة شرعه وتحكيم كتابه وسنة نبيه في حياة المسلمين في الشام وخارج الشام، وما ذلك على الله ببعيد.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عصام البخاري