العلاقات الصينية الأمريكية التجارية إلى أين؟!
الخبر:
في خطوة ترمي إلى مزيد من التهدئة للحرب التجارية، أعلنت الحكومة الصينية اليوم أنها ستُعلق في الأول من كانون الثاني/يناير 2019م لمدة ثلاثة أشهر الرسوم الجمركية الإضافية التي فُرضت على السيارات وقطع الغيار المستوردة من أمريكا.
وجاء في بيان لوزارة المال الصينية نشرته عبر موقعها الإلكتروني، أن تعليق فرض رسوم نسبتها 25٪ يشمل 144 صنفا من السيارات ومكوناتها، 5% على 67 صنفاً.
التعليق:
لقد أتت أمريكا برئيس جديد يعرف عنه أنه رجل الصفقات، ففي عام 1987م نشر رجل الأعمال الأمريكي دونالد ترامب والذي أصبح في ما بعد الرئيس الخامس والأربعين لأمريكا كتابه “فن الصفقة” (Trump: The Art of the Deal) بالتعاون مع الصحفي توني شوارتز، مستعرضاً بين صفحاته أفكاره وفلسفته في إدارة أعماله، وعقد صفقاته الضخمة التي جعلته واحداً من أكبر رجال الأعمال والأثرياء في أمريكا والعالم.
هذه حقيقة الرئيس الأمريكي الذي يتعامل مع الأمور من خلال مهنته؛ حيث يعمد إلى تضخيم الأمور والوصول مع الطرف الآخر إلى أقصى الأمور مستخدماً ما تملكه دولته من إمكانيات وتهديدات قادرة على إيذاء الطرف الآخر من أجل تقديم أفضل العروض، وهذا ما فعله ويفعله ترامب مع الدول خاصة الصين، من حيث رفع الرسوم الجمركية والتهديد بزيادتها، والتهديد بصين أخرى، وتحريك أدواتها في المنطقة لاحتواء الخطر الصيني، وإدخال الهند في الصراع واستفاد كل الإمكانيات في الحرب التجارية من أجل الوصول لما تريده أمريكا في الوقت الراهن، لذا لا ينظر إلى الأمور أنها ستصل إلى الحرب الحقيقية سواء عسكرية أو تجاربة وإنما استخدام كل الأدوات في الصراع من أجل الوصول لما يريد، والصين فيما يبدو تدرك هذا، وتدرك أنها لن تستطيع مع إمكانيات أمريكا الصبر في النزاعات التجارية؛ لذا أقدمت على تنازلات كبيرة، ولكن لهذه التنازلات سقف معين كدولة مستقلة وتريد مقابل هذه التنازلات بعض الضمانات والاتفاقيات التي تحفظ لها مصالحها، ظناً منها أن الإدارة الأمريكية ستلتزم بتعهداتها مع الآخرين، مع أن الحقيقة أمام الجميع أن أمريكا تلغي وترفض ما وقعته بالأمس القريب، فكيف بالبعيد؟! لأن بعض الاتفاقيات في نظر أمريكا إنما وقعتها بسبب ظروف سياسية معينة أو التزامات معينة أو إعطاء امتيازات لدول من أجل القيام بدور معين، ثم لا تلبث بعد تحقيق هذه المصالح أن تعيد النظر في ما وقعت عليه بالأمس القريب.
إن سياسة أمريكا تجاه الصين هي الاحتواء، وتعني سياسة الاحتواء في نظر أصحابها “التعهد الشامل لمقاومة الطرف الآخر أنّى وُجد، لذا ستبقى العلاقات بين الطرفين بين أخذ ورد، حتى تتمكن أمريكا من تحقيق هدفها باحتواء الصين، أو تثبت الصين إخفاق سياسة الاحتواء معها، خاصة وأن هذه السياسة منذ زمن بعيد ولم تتحقق ولم تتنازل أمريكا ولن تتنازل عنها، لذا فالصراع طويل وطويل جداً وتضع أمريكا في خططها السياسية سياسة الصبر الاستراتيجي، فيما تحاول الصين عدم وصول الأمور إلى حد الأزمة الحقيقية، فتقدم بعض التنازلات من أجل إرضاء غرور أمريكا حسب قراءة المرحلة الحالية، إلا إذا تغيرت الأمور وتغير الواقع والاهتمام وأهمية الخطر، أو تغيرت الإمكانيات قوة وضعفاً، وهذا يحتاج إلى متابعة حثيثة وقوية.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان