Take a fresh look at your lifestyle.

ليس بالمشاعر وحدها تحرر البلدان

 

ليس بالمشاعر وحدها تحرر البلدان

 

 

 

الخبر:

 

دعوة للخروج في تظاهرات أطلقت عبر وسائط التواصل الإلكتروني، ومجالس الناس في السودان ووجدت قبولاً عند البعض، فخرجت تظاهرات في كثير من أحياء ومدن البلاد. (وكالات 2018/12/17م)

 

التعليق:

 

لقد وصلت أوضاع صفوف الأزمات في السودان إلى ما لا نهاية لها من درجات الشقاء والتعاسة نتيجة لفساد الأوضاع في كل شيء، مما أدى إلى احتقان وغضب لدى جمهور الناس في السودان، والكل يبحث عن الخلاص، ولسان حالهم ماذا نفعل وكيف المسير!! لذلك لا عجب فيمن بات جائعاً ثم خرج في الطرقات مطالباً بقوته، فهذا أمر طبيعي تدفعه طاقة تستوجب الإشباع، ولكن لا يكفي فقط الشعور بالواقع ثم التحرك فوراً لتغييره فلا بد أن يدرك الناس سبب المشاكل والأزمات، حتى يكون لديهم تصور متكامل عن كيفية المعالجات، وعن الناحية العملية لإحداث تغيير جذري حقيقي يضمن معالجة الأزمة وانتشال البلاد من حفرتها وكبوتها…

 

وحيال هذا الواقع فإننا نبين الحقائق التالية:

 

أولاً: يجب أن يعلم الناس أن سبب المشاكل ليس فساد الأشخاص في المنظومة الرأسمالية الحاكمة فقط، ولكن أيضاً فساد وحرمة التشريعات والقوانين والدساتير التي تتبناها الدولة؛ ففي النظام الاقتصادي تجد الضرائب والجمارك والمعاملات الربوية، ورهن البلد للشركات الرأسمالية الكبرى تحت عنوان الاستثمار، واستناد العملات للدولار بدل الذهب والفضة، وطباعة وزيادة الكتلة النقدية عن حجم الإنتاج الحقيقي دون غطاء من الذهب مما ينعكس مباشرة في زيادة التضخم وسرقة مدخرات الناس… هذه هي أسباب المشكلة الحقيقية وهي مجموعة المعالجات التي تتبناها الدولة في النظام الاقتصادي والاجتماعي ونظام الحكم والسياسة الخارجية، وهي جملة من المخالفات الشرعية، التي تصادم الإسلام في أصوله وفروعه، فهل سيخرج الناس للطرقات بوصفهم مسلمين يسعون لإنكار حزمة المحرمات التي تباشرها الدولة؟! هل ستكون القوة الدافعة للجماهير هي العقيدة الإسلامية؟! هل سنشهد الأمة الإسلامية في السودان وهي تخرج من مساجدها وتعلي صوتها مطالبة بوجوب الحكم بالإسلام؟!

 

ثانياً: يجب على الأمة العمل وفق قاعدة (الفكر والعمل لأجل غاية) حتى يكون المسير واضحا والعمل معروفا، فمن الفكر أن المظاهرات أسلوب للضغط على الحكام ولكنها ليست الطريقة التي يتم بها تغيير الحكام، وإنما القوة الفاعلة تكمن في الجيش، هو وحده الذي يستطيع تغيير النظام وتسليم الأمة سلطانها المغتصب حتى تتمكن من تنصيب خليفة على كتاب الله وسنة رسوله r، فتقيم دولتها التي تعبر عن آمالها وغاياتها، لذلك فلتكن الوقفات والاحتجاجات والتظاهرات أساليب لإعطاء الجيش برهاناً عملياً على حالة الغليان عند الأمة وتطلعها للحكم بما أنزل الله، ولتكن لمزيد من تنظيم صفوف الأمة بالأحاديث الجماهيرية والاتصال الحي المباشر بالمؤتمرات التي تقدم فيها متطلبات المرحلة من معالجات ورؤية إسلامية للخروج من أزمات البلاد… فيصبح الفكر هو الموجه للكتل البشرية التي تحتل الطرقات، وتصبح الغاية واضحة وهي مرضاة الله عز وجل بتحكيم الإسلام، هكذا يمكن أن تتكتل الجماهير على أساس الإسلام، وهكذا يبارك الله في مسعى التغيير على أساس الإسلام لإسقاط النظام من جذوره وتغيير مسار التاريخ الحالي.

 

ثالثاً: إن تخلفنا عن ركب الشعوب والأمم، ووقوفنا في صفوف الأزمات هو بسبب عدم تبنينا للإسلام قيادة فكرية ورؤية سياسية للحياة، وهذه مخالفة صريحة لكتاب الله عز وجل، قال تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ فعدم تبني الإسلام والحكم بما أنزل الله هو سبب الشقاء والتعاسة؛ فالوسط السياسي (الوطني) يمتاز بالضحالة في الفكر والعمالة في السياسة والاستعمار في الثقافة، فهو وسط سياسي لا علاقة له بالأمة لا من قريب ولا من بعيد، فقط هو يحافظ على مصالح المستعمر في بلاد المسلمين، لذلك وجبت إزاحته وإزالته من المشهد السياسي برمته، حتى لا يخرج علينا خارج ببيانه الأول وهو يتبنى نفس المنظومة التشريعية الغربية القائمة اليوم من ضرائب وجمارك ومجالس تشريعية… ويتم الالتفاف على ثورة ومجهودات المتظاهرين كما حدث في بلدان ما سمي بالربيع العربي فيستبدل بفاسد أفسد وتبقى الأزمة بثوب جديد!

 

رابعاً: رسالة نوجهها إلى أبناء الأمة في القوات المسلحة ونقول لهم: ألا تشاهدون ما يحدث لأبناء الأمة من سقوط في الطرقات مرضاً وكمداً، ومن حالة الذل التي يعاني منها الناس على يد دولة الطاغوت والاستبداد والنهب المنظم؟! ألا تعلمون أن القوات المسلحة قد تعرضت لمجزرة الصالح العام والتسريح المتعمد لكوادرها وضباطها؟! ألا تعتبرون ذلك تهديداً مباشراً للأمن الاستراتيجي للأمة في السودان؟! ألا تتابعون ما يحدث من نهب لثروات الأمة وملكياتها العامة وتسليم البلاد للمستعمر عبر عقود تصل لمائة عام في بعض الأحيان؟! ألا تعلمون أن الدولة في السودان لا تطبق نظام الإسلام وأنه واجب عليكم السعي الجاد لنصرة الإسلام والمسلمين، وإعزاز الحق وإظهار الدين؟! متى تتحرك نخوة الرجولة فيكم فتكونوا ممن قال الله عز وجل فيهم: ﴿رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾؟! فالأمة بانتظار الرجال الرجال، والأمة على موعد مع الأنصار، حتى يستعيدوا لها سلطانها المغتصب وتستأنف حياتها وفقاً لأحكام الإسلام عن طريق دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فهي بشرى رسول الله r ووعد من رب العالمين فهي قائمة لا محالة فليتقدم لها رجالها وأنصارها…

 

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عصام الدين أحمد

2018_12_19_TLK_1_OK.pdf