مع الحديث الشريف
الثقة بنصر الله
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حدثنا أبو الربيع العتكي وقتيبة بن سعيد كلاهما عن حماد بن زيد واللفظ لقتيبة حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا. “(رواه مسلم)
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض). أما (زوى) فمعناها جمع، وهذا الحديث فيه معجزات ظاهرة، وقد وقعت كلها بحمد الله كما أخبر به صلى الله عليه وسلم
قال العلماء: المراد بالكنزين الذهب والفضة، والمراد كنزي كسرى وقيصر ملكي العراق والشام فيه إشارة إلى أن ملك هذه الأمة يكون معظم امتداده في جهتي المشرق والمغرب، وهكذا وقع. وأما في جهتي الجنوب والشمال فقليل بالنسبة إلى المشرق والمغرب، وصلوات الله وسلامه على رسوله الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى
قوله صلى الله عليه وسلم: (فيستبيح بيضتهم) أي جماعتهم وأصلهم، والبيضة أيضا العز والملك.
قوله سبحانه وتعالى: (وإني قد أعطيتك لأمتك ألا أهلكهم بسنة عامة) أي لا أهلكهم بقحط يعمهم، بل إن وقع قحط فيكون في ناحية يسيرة بالنسبة إلى باقي بلاد الإسلام.
وقد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثر تبشر بالنصر والتمكين ومنها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر) رواه أحمد في مسنده
وعن أبي نضرة رضي الله عنه قال: كنا عند جابر بن عبد الله رضي عنه فقال: يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز ولا درهم قلنا: من أين ذلك؟ قال: العجم يمنعون ذلك ثم قال: يوشك أهل الشام ألا يجبى إليهم دينار ولا مدي قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل الروم. ثم سكت هُنيهة ثم قال: قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: (يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثياً ولا يعده عداً) رواه مسلم.
وهناك أدلة من القرآن الكريم تبشر بالنصر والتمكين لهذا الدين وأن يكون له الغلبة في نهاية الأمر ومنها قوله تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور:55)
نعم إن وعد الله حق وبشرى رسولنا حق وإن ما نعيشه هذه الأيام هو ما بشر به رسولنا الكريم. وإنما الأمور تسير بقدر والعواقب بقدر, وإن نصر الله وتمكينه لقدر وسوف نرى ما قد وعد ربنا وبشر به رسولنا وما هي إلا مسألة وقت وتحقيق مناط.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.