Take a fresh look at your lifestyle.

الرأسمالية العالمية معرضة للانهيار بسبب عدم المساواة الاقتصادية والسياسية

 

الرأسمالية العالمية معرضة للانهيار بسبب عدم المساواة الاقتصادية والسياسية

 

 

 

الخبر:

 

أغنى 1٪ في العالم في طريقهم للسيطرة على ما يصل إلى ثلثي ثروة العالم بحلول عام 2030م (الجارديان)، وقد تم تحذير قادة العالم من مكتبة مجلس العموم البريطاني بأن استمرار تراكم الثروة في يد فئة من الناس سوف يغذي عدم الثقة وتزايد الغضب خلال العقد القادم ما لم يتم اتخاذ إجراءات لاستعادة التوازن (الجارديان).

 

التعليق:

 

منذ عام 2008م وثروة أغنى 1٪ تنمو بمتوسط معدل 6٪ في السنة، وهو أسرع بكثير من نمو ثروة 99٪ الباقين من سكان العالم، بنسبة 3٪، وإذا استمر الأمر على هذا النحو، فإن أغنى 1٪ سيحوزون على ثروة تصل إلى 305 تريليون دولار خلال عام 2030 مقابل 140 تريليون دولار اليوم، واللافت للنظر في هذا أن 85000 شخص سوف يسيطرون على 67٪ من ثروة العالم (أخبار الأمم المتحدة).

 

ولكي تصبح الأمور أكثر سوءاً بالنسبة لفاحشي الثراء، أشار استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة (opinium) إلى أن 34٪ من المستطلعة آراؤهم يشعرون بأنهم سيكون عندهم سلطة لا قيمة لها في عام 2030م، وبالتالي تقويض الديمقراطية. إن نتائج الاستطلاعات مشؤومة تماماً بالنسبة للأثرياء، فتكديس الثروات لا يولِّد عدم المساواة الاقتصادية فحسب، بل يؤدي أيضاً إلى إثارة عدم المساواة السياسية، وكلا شكلي عدم المساواة عاقبته وخيمة على استقرار أي مجتمع.

 

مع ذلك، ليست أيّاً من هذه النتائج جديدة، فقد كتب البروفيسور توماس بيكيتي في كتابه “الرأسمال في القرن الحادي والعشرين” إن عدم المساواة الاقتصادية هي سمة دائمة للرأسمالية. ولسوء الحظ فإن العلاج من خلال النظام الضريبي على الثروة لمعالجة مشكلات النظام الرأسمالي علاج متأخر ولا يحقق الهدف.

 

المشكلة الأساسية في نظر توماس بيكيتي ليست في عدم وجود ضريبة على الثروة ولكن في قوانين حرية الملكية، مما يؤدي إلى تراكم الثروة من عدد قليل من الناس، فحرية الملكية هي التي تسمح للثراء الفاحش واستخدام هذه الثروة لممارسة نفوذ لا مبرر له على السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية وعلى سن القوانين لصالحها وعلى حساب عامة الناس.

 

من الناحية العملية، تؤدي هذه القوانين إلى الحدّ من قدرة عامة الناس على الوصول إلى الأموال، والانتفاع بالملكية العامة، وتجبرهم على قبول الأمر الواقع. في وقت لاحق، وحتى لو امتد احتجاج الناس العامة، فإن النظام سيكون عاجزاً عن منع تراكم الثروة، وبعبارة أخرى، فإن الرأسمالية بطبيعتها تشجع على تركّز الثروة بأيدي الأثرياء.

 

لا يوجد في الإسلام حرية ملكية، ولكل فرد في الدولة الإسلامية الحق في التملك، والأحكام الشرعية تنظم الملكيات الثلاث (الفردية، والدولة، والعامة)، وبالتالي لا يجوز في المجتمع الإسلامي أن يضع الأغنياء أيديهم على الملكيات العامة وإبرام عقود تسمح لهم بتملكها، أو إنشاء شركات خارجية لتجنب دفع الزكاة، أو التمتع بنفوذ على سلطات الدولة، وغير ذلك. لم يسمح الإسلام بتركّز الثروة بيد الأثرياء، فقد قال الله تعالى: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.

 

وعليه فإن المجتمع الإسلامي القائم على نموذج نظام الخلافة هو أكثر استقراراً من المجتمعات الرأسمالية، حيث يحصر التنافس الاقتصادي والسياسي إلى الحد الأدنى.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المجيد بهاتي

2019_01_09_TLK_2_OK.pdf