Take a fresh look at your lifestyle.

رسول الله هو القدوة الحسنة

 

 

رسول الله هو القدوة الحسنة

 

قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً * وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً * وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً﴾. [الأحزاب: 1-3]

 

وخطاب الله لرسوله rخطاب لأمته ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾. والتَّقْوَى أَنْ تَعْمَل بِطَاعَةِ اللَّه كما أمر وتَرْجُو ثَوَابه وتبتعد عن مَعاصِيَه وتخاف عَذَابه، وقَوْله تَعَالَى ﴿ولا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ لَا تَسْمَع مِنْهُمْ وَلَا توالِهم ولا تسْتَشِرْهُمْ ولا تطعهم في شيء من أمرهم واحذرهم، ﴿إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيماً حَكِيماً﴾ الله أعلم بما ينفعكم ويصلح أمركم فاتَبِعوا أمره وَنهيه إنَّهُ علام الغيوب حَكِيم فِي أَقْوَاله وَأَفْعَاله، ﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ﴾ أنت ومن تبعك وآمن بك من المؤمنين وتوكل على الله وحده واتبع شريعته ودينه والأنظمة التي انبثقت من دينه وآدابه وأخلاقه التي وصى بها نبيه.

 

اتبعوا المنهاج الذي اختاره الله لكم، وتوكلوا عليه وحده واستسلموا لأمره وإرادته استسلاما مطلقا واطمئنوا لنصره وحمايته لكم ما أقمتم دينه، وسعيتم لنيل رضوانه واتبعتم رسوله r.

 

والإسلام هو الاستسلام لمشيئة الله وقدره، والاستعداد ابتداء لطاعة أمره ونهيه، وإقامة الدين الذي أنزله على رسوله rوارتضاه لكم، وعدم الالتفات لغيره أو اعتماد شيء سواه، واليقين أن الإسلام عقيدة، تنبثق منها شريعة تنظم شؤون حياة الناس، ويجب أن تطبق وتتبع دون غيرها.

 

وتقوى الله مهمة في تطبيق شرع الله فهي تعبر عن الوازع الديني المستحكم في قلب المؤمن وفؤاده، فهو يلتزم بشرع الله إيمانا واحتسابا لنيل طاعة الله، ورجاء عفوه ورحمته ورضوانه، ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾ أمر وطلب وتنبيه وتحذير، فتقوى الله والشعور برقابته واستشعار قدر جلاله، هو الحارس الأمين القائم في أعماق النفس المؤمنة على وجوب تطبيق الشريعة وتنفيذها والالتزام بها دون غيرها.

 

والنهي عن طاعة الكافرين والمنافقين، واتباع توجيهاتهم أو اقتراحاتهم، أو الاستماع لهم، ﴿ولا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ وهذا النهي قائم في كل بيئة وكل زمان، يحذر الله المؤمنين أن يتبعوا الكفار والمنافقين إطلاقاً ولا في أي أمر عوضا عن أمر العقيدة والتشريع وتنظيم شؤون حياتهم بصفة خاصة، لتبقى حياة المسلمين ومنهجهم خالصة لله، غير مشوبة بتوجيه من أحد سواه، ولا ينخدع أحد بما يكون عند الكافرين والمنافقين من ظاهر العلم والتجربة والخبرة، كما يسوغ بعض المسلمين لأنفسهم في فترات الضعف والانحراف، فإن الله هو العليم الحكيم الذي اختار للمؤمنين منهجهم وفق علمه وحكمته، ﴿إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيماً حَكِيماً﴾.

 

﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ فهذه هي الجهة التي تأتي منها التوجيهات، وهذا هو المصدر الجدير بالاتباع. ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ فهو الذي يوحي عن خبرة بكم وبما تعملون وبما يصلح لكم ويصلحكم، وهو الذي يعلم حقيقة ما تعملون، ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً﴾ فلا يهمنك أكانوا معك أم كانوا عليك، ولا تحفل بكيدهم ومكرهم، وألق بأمرك كله إلى الله، يصرفه بعلمه وحكمته وخبرته، ورد الأمر إلى الله وتوكل عليه وحده، وتقوى الله واتباع وحيه والتوكل عليه مع مخالفة الكافرين والمنافقين هي خير زاد وعون للداعية في دعوته إلى لله ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً﴾.

 

وصاحب العقيدة لا يملك أن يتجرد من مقتضياتها وقيمها الخاصة في موقف واحد من مواقف حياته كلها، صغيراً كان هذا الموقف أم كبيراً، ولا يملك أن يقول كلمة، أو يتحرك حركة، أو ينوي نية، أو يتصور تصوراً، غير محكوم بعقيدته، ولا يملك إلا الالتزام بأمرها ونهيها، والعيش في المجتمع الإسلامي وفي الدولة الإسلامية، وفي العالم سراً وعلانية حاكماً ومحكوماً في السراء والضراء، فلا تتبدل موازينه ولا تتبدل قيمه ولا تتبدل تصوراته، فمنهجه الاستسلام لله وحده واتباع رسوله r.

 

قال الله تبارك وتعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾ [الأحزاب: 21] لقد كان لكم أيها الناس قدوة حسنة في نبيكم r، وهذه القدوة الحسنة كائنة وثابتة للمؤمنين الذين يرجون رحمة الله ويخافون عذابه في الدنيا والآخرة، ولمن ذكر الله ذكرا كثيرا، لأن الملازمة لذكر الله توصل إلى طاعته والخوف منه سبحانه بين الرجاء، والإكثار من ذكره، لأن التأسي التام بالرسول ﷺ لا يتحقق إلا بهما. ولقد أمرنا الله تبارك وتعالى بالتأسي برسول الله r، وهو قدوتنا ومثلنا الأعلى في جميع مناحي الحياة، وخصوصا بالتكاليف الشرعية وإخلاص التوجه لله والعمل الصالح وطاعة الله وطاعة رسوله r، وتنفيذ أمرهما والانتهاء عن نهيهما وتنظيم شؤون حياتكم بشرع الله فيتحقق العدل والإنصاف بينكم، وتؤمنون بالله واليوم الآخر وتلتزمون بهديه وتتبعون سنته وسبيله، وتذكرون الله كثيرا في الخوف والأمن والشدة والرخاء.

 

الآيات التي ذكرت هنا من سورة الأحزاب وقد ذكرت غزوة الأحزاب فيها والتي تسمى أيضا بغزوة الخندق، وكان مطلع السورة لافتاً للنظر ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ وهذا الأمر والطلب والله أعلم يلفت نظرنا إلى خطورة موقع الكفار والمنافقين، فعداوتهم أزلية لا تنفك ولا تكل، فاحذروهم ولا تأمنوا جانبهم عوضا أن تصبحوا حلفاءهم وأصدقاءهم وعملاءهم أو خدمهم، وهذا محظور عليكم، فإذا كان هذا الخطاب الذي يكاد يكون فريداً للرسول r (وخطاب الرسول خطاب لأمته) فقد تجمع الكفار لمهاجمة المسلمين زمن رسول الله rوهم يحلمون بوأد المسلمين لينتهي أمرهم إلى الأبد، وقد كانوا قلة والكفار يرونهم ضعافاً لا حول لهم ولا قوة، فجاءت قريش وغطفان وبنو أسد وبنو مرّة، وأشجع، وبنو سليم، لمحاربة المسلمين. والكفار والمنافقون لا يتغير تربصهم بالمسلمين، فاحذروهم ولا تأمنوا جانبهم واقتدوا برسول الله r بمحاربته لهم، وصبره وثباته وتضحيته وجهاده وإقامته للدولة الإسلامية في المدينة المنورة، والتي حكمت لأكثر من ثلاثة عشر قرنا من الزمان، وكانت أكثر أيامها هي الدولة الأولى في العالم، إلى أن هدمها الكفار باستخدام بعض أبنائها الضالين.

 

فأين نحن من الاقتداء برسول الله r ومن تطبيق شرع الله، ونحن لا نغير على حكام ظلمة سادرين في غيهم يركضون خلف فتات موائد الكفار ويحصدون الذل والمهانة لأنفسهم ولبطانتهم ولبلاد يحكمونها ظلما وعدوانا؟!

 

 وطنوا أنفسكم على نصرتها بنصرة دين الله واتباع سنة رسول الله r، صدقا وحقا وإخلاصا وعلما وعملا وقولا، بالعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الدولة الإسلامية؛ الخلافة الراشدة على منهاج رسول الله r، والحمد لله رب العالمين ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إبراهيم سلامة

 

2019_01_11_Art_The_Messenger_of_Allah_is_the_good_example_AR_OK.pdf