Take a fresh look at your lifestyle.

السودان وتجاذب القوى

 

السودان وتجاذب القوى

 

 

الخبر:

 

اندلعت مظاهرات في شتى مدن السودان منذ ثلاثة أسابيع، ولا تزال مستمرة، وهي في حالة تصاعد، وقد بدأت هذه التظاهرات نتيجة للأزمات الخانقة، في الخبز، والوقود، والسيولة النقدية، وما لبثت حتى رفعت سقف مطالبها بسقوط النظام. وقد صارت أحداث السودان تتصدر الأخبار الإقليمية والدولية، وهنا بدأت تبرز القوى المختلفة في محاولة لأخذ النصيب الأكبر من المكاسب، ما أوجد استقطاباً حاداً، وشداً وجذباً هنا وهناك.

 

التعليق:

 

يوجد في السودان مراكز قوى عديدة، سواء تلك التي هي جزء من المنظومة الحاكمة، أو تلك التي هي جزء من المعارضة، وكلها قوى متعارضة المصالح والولاء في كثير من الأحيان، وتحاول أن تجتمع في الحد الأدنى مما يسمونه بالقواسم المشتركة، لتحافظ على مصالحها، والدفاع عنها، أو التطلع لمكاسب طالما سعت إليها طوال فترة حكم الإنقاذ… وفي شيء من العجالة نحاول أن نتطرق إلى بعض هذه القوى بشيء من التحليل، علها تساعد على وضوح الرؤية حول مستقبل السودان في ظل هذه الظروف.

 

أولى هذه القوى هي الجيش، الذي أنشئ على عقيدة وطنية، وهو لا يزال على هذه العقيدة، وقد تدخل ثلاث مرات منذ استقلال السودان، منقلباً على حكومات منتخبة، وقد أعلنت قيادته في الآونة الأخيرة عن ولائها للبشير، لكن هذا لا يعني أن كل الجيش هو موال للبشير وحكومته، ولا يعني بالضرورة أن تستمر هذه القيادة في ولائها هذا إلى ما لا نهاية.

 

أما القوة الثانية، فهي ما يسمى بقوات الدعم السريع، وهي مليشيات أنشأها جهاز الأمن والمخابرات للقيام بأعمال يصعب على الجيش النظامي، المرتبط بقوانين، القيام بها، ولكنها ضُمت للقوات المسلحة بقانون أصدره المجلس التشريعي في العام 2017م، وهذه القوات تتبع لرئاسة الجمهورية، وتتمتع بصلاحيات وميزات خاصة، وأنها كما قال قائدها محمد حمدان حميدتي لديهم شركة للتنقيب عن الذهب في جبل عامر في دارفور، غرب السودان، إضافة لشركة أخرى بالشراكة مع بعض الأسر الغنية، وأيضاً لديها استثمارات لم يسمها، وهذه القوى يُقدر تعدادها عند بعض المختصين بـ3 آلاف مقاتل، وقد حمّل قائدها، عندما كان يخاطب مجموعة عادت إلى الخرطوم مؤخراً، الضائقة المعيشية والأزمة النقدية، لبعض المسئولين في الدولة، ما أثار تساؤلات عن مدى ولائه للحكومة، وإلى أي درجة يمكنه الاستمرار في هذا الولاء.

 

أما القوة الثالثة، فهي الإسلاميون الذين تحالفوا مع الجيش منذ بداية عهد الإنقاذ في العام 1989م، وقد تعرضوا لشيء من التهميش من الرئيس البشير، حيث يكاد لا يوجد أحد من الإسلاميين في مراكز اتخاذ القرار، ما يجعل أجندتهم تتعارض مع الحكومة رغم وجود كثير من الخنادق المشتركة، فهم يخشون سقوط الحكومة، كما يخشون أن يتخذهم البشير كبش فداء لنفسه في صفقة من الصفقات، وهي الرسالة التي أرسلها علي عثمان محمد طه، النائب السابق لرئيس الجمهورية بأن هناك كتائب في الظل على استعداد للتضحية بأرواحهم… وكأن كلامه هذا هو رد على تصريح للبشير بأنه على استعداد لأن يسلم الحكم للجيش، فالإسلاميون لا يأمنون البشير، ولا البشير يأمن جانبهم.

 

أما القوة الأخرى التي تتجاذب مع بقية القوى، فهي أبناء الشعب الذين خرجوا في هذه التظاهرات والاحتجاجات، وقد خرجوا نتيجة للضائقة المعيشية التي أخذت بتلابيبهم، وما لبث أن انضم إليهم ما يسمى بتجمع المهنيين، ثم بعض الأحزاب السياسية… وقد طغت على هذه التظاهرات شعارات، ومنشورات، تدعو للحكم العلماني، وفي المقابل كان هناك رد فعل، فظهر كثير من أئمة المساجد يدعون للخروج للمطالبة بالإسلام…

 

هذه القوى المختلفة تظهر أن هناك شيئاً من الضبابية في مآلات الأحداث عند كثير من المحللين، إلا أن هناك قوى دولية لها تأثير كبير في هذه الأحداث، فقد وُضعت حكومة الإنقاذ بين (فكي كماشة)، فصندوق النقد الدولي يفرض عليها سياسات تزيد من معاناة الناس، ودول الخليج، وتحديداً السعودية، لم تقدم أي نوع من العون الذي يمكن أن يساعد الحكومة للخروج من مأزقها هذا. فعلى كل هذه القوى أن تتذكر بأننا مسلمون، ولا بد من خلافة راشدة على منهاج النبوة توحد هذه القوى تحت راية الإسلام العظيم.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب لتحرير

المهندس/ حسب الله النور – الخرطوم

2019_01_14_TLK_1_OK.pdf