ترامب مع الجدار في مقابل إغلاق الحكومة الأمريكية
(مترجم)
الخبر:
أدى وعد ترامب بأمريكا العظمى محاطة بجدار، إلى أطول إغلاق حكومي تقدم عليه الحكومة الأمريكية، ولا مؤشر لنهاية تلوح في الأفق. وذكرت CNBC في الخامس عشر من كانون الثاني/يناير في تقرير لها تحت عنوان: “لمَ من غير المحتمل أن يقوض الديمقراطيون فكرة جدار ترامب الحدودي في وقت يستمر فيه أطول إغلاق حكومي؟” بأن الإغلاق كان في يومه الرابع والعشرين.
التعليق:
سُجل الرقم القياسي السابق لأطول فترة إغلاق للحكومة الأمريكية بمدة 21 يوماً من 1995-1996. والآن، تم كسر هذا الرقم، وما تبقى هو معرفة متى وكيف سينتهي الجمود بين الكونغرس والرئاسة. كيف وصل الأمر لهذه النقطة أمر معروف جيدا. في كل عام، يجب على الرئيس والكونغرس الاتفاق على خطة للميزانية، وغالباً ما يكون هناك خلاف، وتستمر هذه العملية خلال السنة المالية الأمريكية الجديدة التي تبدأ في تشرين الأول/أكتوبر، مع موافقة الكونغرس على تمديدات التمويل المؤقتة إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق أو تنهار المفاوضات. في هذه الحالة يتوقف “التمويل التقديري” وبذلك ينفد مال ورواتب الإدارات الحكومية والموظفين المتضررين. ولا تتأثر بعض دوائر الحكومة، لأن تمويلها لا يتطلب موافقة سنوية، ولكن بعد الفشل في التوصل إلى اتفاق هذا العام، حصل 800 ألف موظف فيدرالي على شيك أجر فارغ مقابل 0.00 دولار، مع عمل دون أجر، أو الجلوس في المنزل، فيما يكافح العديد منهم لدفع الفواتير.
رفض الديمقراطيون مطالب ترامب بتوفير 5 مليارات دولار مقابل جداره الحدودي في المكسيك، وفي وقت ما دعا ترامب قادة الكونجرس الديمقراطيين: نانسي بيلوسي وتشاك شومر إلى البيت الأبيض وقال لهم: “أنا فخور بإغلاق الحكومة من أجل أمن الحدود. سأكون أنا الشخص الذي أغلقها، لن ألومكم على ذلك… سوف آخذ الوشاح، سأكون الشخص الذي أغلقها”، وكان الإغلاق هو ما فعله حقا!
على الرغم من أن الجدار الحدودي يبدو وكأنه موضوع الخلاف غير القابل للتحقيق بين هذين الطرفين من الحكومة، إلا أن الحقيقة غائمة نوعاً ما. في الواقع، تم الكشف في وقت ما عن أن الورقة الرابحة مستعدة للتسوية على الجدار. وقد صرح زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، بأن الرئيس “مرن” بشأن تمويل الجدار الحدودي، ما يتناقض مع تهديداته الجريئة السابقة بإغلاق الحكومة إذا لم تتم الموافقة على جداره. إذن ما الذي أدى إلى تراجع إمكانية التنازل؟ إنهم مؤيدوه، أو ما يسمى في السياسة الأمريكية “قاعدته”.
بعد سماع المرونة المفاجئة لترامب، كتبت آن كولتر، وهي كاتبة محافظة، مقالة عن ترامب تحمل عنوان: “رئيس بلا شجاعة في بلاد بلا جدار”. وقد كشفت عن فشله في الوفاء بوعده بجدار، وهو ما أسماه محام محافظ آخر داعم لترامب – إد رولنز: “أكثر خطاب يملؤه الخوف قدمه الرئيس على الإطلاق”. وقد حذرته آن كولتر بأن عليه: “… أن يعلم أنه إذا لم يبن الجدار، فليس لديه فرصة لإعادة انتخابه وستكون فرصة تعرضه للخزي التام مائة في المئة”، وحذرت إد رولنز بأنه: “يجب على ترامب أن يكون حذرا… أنصاره يهتمون بهذا. ستعاديه قاعدته إذا ما مشى بعيدا”.
مهددا بفقدان حب الشريحة الوحيدة من الناس الذين من الممكن أن يحبوه، ويبقوه في السلطة، فإن الطريقة الوحيدة التي كان يمكن لترامب أن يختارها هي التصعيد بالمزيد من التهديدات والثبات. وقال: “سنضطر إلى إغلاق الحدود الجنوبية بالكامل إذا لم يعطنا الديمقراطيون المعوِّقون المال لإنهاء بناء الجدار”، وبعد ذلك هدد بإعلان “حالة الطوارئ”، ومع ذلك ما زال الديمقراطيون في الكونغرس متماسكين ضده. والآن يلوم كل طرف الطرف الآخر على الإغلاق، وكما قالت CNBC: “يلوم عدد أكبر من الأمريكيين ترامب على الإغلاق أكثر من لومهم الديمقراطيين في الكونغرس، مع وضع خط تحت السبب الذي يجعل الحزب يظن أن له اليد العليا”، ويبدو أن الإغلاق يمكن أن يستمر حتى تنقلب استطلاعات الرأي ضد الديمقراطيين أو أن تظهر إشارات قاعدة ترامب الشعبية له بأنه أثبت نفسه وتسمح له أن يلين مرة أخرى ليقاتل في يوم آخر.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. عبد الله روبين