Take a fresh look at your lifestyle.

الأمة في وادٍ والعلماء في وادٍ آخر

 

الأمة في وادٍ والعلماء في وادٍ آخر

 

 

الخبر:

 

تبرأ إمام مسجد خاتم المرسلين في جبرة بالخرطوم الشيخ عبد الحي يوسف عما راج عن خروج مظاهرة من مسجده عقب صلاة الجمعة وقيادته لها، وقال إنه عار من الصحة، وقال إن المساجد لم تجعل للهتاف والصيحات بتأييد موقف سياسي أو معارضته، وإنما المساجد لبيان حكم الله وهدي رسوله وفق الآداب والسنن المرعية، ودعا لتنزيه بيوت الله عن الخلافات السياسية والخلافات المذهبية، مؤكداً أن المساجد بنيت لذكر الله وتلاوة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مبيناً أن إمام المسجد يتناول الشأن العام بما يراه مبرئاً لذمته ومخلياً لساحته. (صحيفة السوداني 2019/1/12).

 

التعليق:

 

مسجد خاتم المرسلين بحي الدوحة، من أكبر المساجد في العاصمة الخرطوم، حيث افتتحه الرئيس البشير بنفسه، يرافقه وفد كبير، وفي كلمته عقب الصلاة، قال الرئيس بالدارجي البسيط: (والله يا جماعة شيخ عبد الحي ده لمّن طردوه من الإمارات يمكن في نفسه كانت في حاجة والناس زعلوا، لكن نحن فرحنا وأنا استدعيته في القيادة العامة للقوات المسلحة، وقلت ليه يا شيخ عبد الحي نحن عايزين نبقيك ضابط في فرع التوجيه المعنوي، رأيك شنو؟ إلا أن الرجل اعتذر بلطف وقال إنه مشغول بتكملة وترقية دراساته العليا فقبل الرئيس…).

 

السؤال هل لهذا بنيت المساجد ليفتتحها الحكام الظلمة الذين لا يطبقون شرع الله؟ وهذا الجمع في المسجد مجرد حضورهم من غير أن يتكلموا ألا يعنى تأييداً لمواقفهم السياسية؟ ولماذا لم تنزه المساجد في ذلك الوقت عن الخلافات السياسية ولماذا لم يؤمر فيها بالمعروف ويُنهَ عن المنكر؟

 

والحق أحق بأن يقال ففي انتخابات 2010م كان الشيخ “عبد الحي يوسف” رأس الرمح في دعم مرشحي المؤتمر الوطني، عبر الندوات المفتوحة والمتحركة التي عقدتها هيئة علماء السودان لتعزيز موقف المؤتمر الوطني، ودعم مرشحيه كافة في الدوائر الجغرافية (التشريعية) على مستوى البرلمان الاتحادي (المجلس الوطني) والولايات (المجالس التشريعية)، بل الشيخ نفسه أعلن انحيازه لمرشح المؤتمر الوطني “يونس الشريف” ضد منافسه من حزب الأمة القومي “ياسر جلال كمبال” في الانتخابات الماضية في الدائرة 30 – الشجرة – جبرة، عبر ترجيحه كفة المؤتمر الوطني على حساب حزب الأمة القومي، أما في الانتخابات الرئاسية فقد أدلى بصوته للرئيس البشير. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه: «صِنْفَانِ مِنَ النَّاسِ إِذَا صَلَحَا صَلَحَ النَّاسُ وَإِذَا فَسَدَا فَسَدَ النَّاسُ، الْعُلَمَاءُ وَالأُمَرَاءُ»، وحقا ضرب علماء الأمة مثالا في التضحية لقول كلمة الحق؛ فها هو ابن تيمية وهو في السجن يقول: “إنما جنتي في صدري فأينما كنت هي معي”، عاش الإمام في السجن حتى مات فيه.

 

فقد كانت “كلمة حق عند سلطان جائر” هي شعار كل من حفظ كتاب الله وجمع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلم بفقه شريعته، وما أكثر الأمور التي استقامت على مدار قرون الإسلام الخوالي بسبب هذا التجاذب والندية بين الحكام والعلماء، والتاريخ مليء بالرجال والعلماء والعابدين والعابدات ممن وقفوا أمام الحكام فردوهم ونصحوهم وأقاموا الحجة وأبلغوا الشكوى وأصلحوا حال الأمة فردوا المظالم.

 

فيا علماء الإسلام! إن الأمة اليوم في حاجة إلى مواقفكم، تلك المواقف التي تشبه مواقف الرعيل الأول، حيث صارعت الباطل فصرعته، لا أن تتبرؤوا من تحرك الأمة ضد الظلمة الذين أزفت نهايتهم، واحذروا غضبة الأمة فقد دب فيها الوعي فتحركت، فكونوا أمامها لا خلفها!

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة عبد الجبار – أم أواب / الخرطوم

 

 

2019_01_18_TLK_1_OK.pdf