Take a fresh look at your lifestyle.

الصين: الذكرى الأربعون (مترجم)

 

الصين: الذكرى الأربعون

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

في الذكرى السنوية الأربعين لحقبة الانفتاح والإصلاح في الصين، وضعت الصين مسبارا على الجانب المظلم من القمر، وقامت المركبة الفضائية “تشانغ 4” بهبوط هادئ فوق فوهة فون كرمان الخاصة بالقمر، وكانت هذه أول مهمة في تاريخ البشرية للتغلب على تقنيات الهبوط على القمر، وكانت مهمة تشانغ 4 انقلابا لطموحات الصين ولكن ما هو أعمق بكثير، حقيقة أن الصين كانت حطاما اقتصاديا قبل بضعة عقود فقط، ولكنها اليوم استطاعت أن تغير هذا وتضع بصمة في تاريخها الذي يبلغ أربعة آلاف عام.

 

التعليق:

 

عندما توفي ماو تسي تونغ عام 1976، استغرق الأمر سنتين من عدم الاستقرار داخل الحزب الشيوعي حتى ظهر دنغ شياو بينغ كزعيم بارز وتخلى رسميا عن الشيوعية كمبدأ، وتم التخلي عن نشر الشيوعية وأصبحت التنمية الاقتصادية هي الهدف الأسمى، ما جعل هذا الأمر عاجلا هو أن أكثر من 90% من سكان الصين يعانون من الفقر وأن الصين التي لديها أكبر عدد من السكان في العالم (تزيد على 900 مليون)، فقد كان الناتج المحلي الإجمالي أصغر من هولندا آنذاك.

 

وقد احتاجت الصين إلى التكنولوجيا والخبرة والمساعدة الأجنبية، ولكنها لم ترد التأثير الأجنبي الذي تسبب في مشاكل لفترات طويلة، فأسست المناطق الاقتصادية الخاصة في المناطق الساحلية الصينية لجذب التكنولوجيا والخبرات الأجنبية، مما سمح للشركات الأجنبية بإنشاء مرافق الإنتاج والاستفادة من الموارد الرئيسية في الصين – أي العدد الكبير من السكان، وقد قدمت الصين الشركات الأجنبية مع أرخص الأيادي العاملة الممكنة، وهذا بدوره يعني أرخص المنتجات في العالم يمكن أن تكون في الصين، والتي هي أرخص من أي مكان في العالم، انتقلت الشركات الأجنبية إلى المناطق الاقتصادية الصينية الخاصة على حساب فقدان الوظائف في صناعاتها المحلية، وكان هذا كله يعتمد على هذه الشركات التي تتقاسم التكنولوجيا والخبرة مع الصين.

 

وكان كل هذا مدعوما من الحزب الشيوعي الصيني مع القروض المتاحة بسهولة للشركات الصينية والشركات المملوكة للدولة الرائدة في مجال الصناعات الرئيسية، وبنى الحزب الشيوعي البنية التحتية التي من شأنها أن تسهل هذا النموذج الذي قاد التصدير ولعب دورا كبيرا في توجيه الاقتصاد، وهكذا ضمنت بعد عقود من إخفاق الاقتصاد تحت (ماو) والشيوعية، بأن يمتلك سكان الصين وظائف، وعندما يكون لديهم وظائف من شأنها أن تضمن التماسك المجتمعي وبالتالي تحمي حكم الحزب الشيوعي الصيني.

 

خلال أربعة عقود فقط، تحولت الصين من الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 150 مليار دولار في عام 1978 إلى وحش عالمي يبلغ 12 تريليون دولار، وتعتبر الصين اليوم أكبر دولة صناعية في العالم، وسوف يكون لديها اقتصاد أكبر من اقتصاد أمريكا.

 

ولكن مع هذا النمو الهائل قد تأتي تحديات خطيرة، وتعتمد الصين بشكل كبير على السلع الأجنبية والطاقة لتغذية قاعدتها التصنيعية، وتذهب خطوط الإمداد في جميع أنحاء العالم، ولا يمكن للصين أن تحمي خطوط الإمداد في أي حرب إذا تم قطعها، وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي تحقق في الجيش الصيني، فإنه يظل قوة إقليمية وليس عالميا.

 

ولكن في الحالات التي تواجه فيها الصين أهم تحد لها في سياستها، فقد ركزت كثيرا على تنميتها الاقتصادية، وأصبحت هذه هي العدسة التي تنظر إلى العالم منها، والصين، بالرغم من حجمها الكبير، ليس لديها رؤية سياسية للعالم، بغض النظر عن بعض الآراء حول أمريكا بوصفها المهيمنة العالمية، وكيف لا ينبغي أن يكون الحال كذلك والصين تمتلك استثمارات في أجزاء كبيرة من أفريقيا وتقوم ببناء البنية التحتية في القارة، بيد أن أمريكا وفرنسا وبريطانيا هم اللواتي يحددن الاتجاه السياسي للقارة.

 

وقد اعتبرت الصين تنميتها الاقتصادية خالية من السياسة، ونتيجة لذلك فشلت في رؤية الفرصة أمامها لتغيير ميزان القوى العالمي، والصين تفضل الحفاظ على النظام العالمي الحالي والاستفادة منه، على الرغم من أن أمريكا تهيمن عليه، حتى وإن كانت في وضع جيد لتحل محله.

وتعد الصين آمنة داخليا وهي في وضع جيد لتحديد مستقبل العالم، لكنها لن تحقق هذا ما لم يكن لديها نظام للعالم، والذي يمكنها الاشتراك فيه، والتنمية الاقتصادية هي ما تريده جميع الأمم، ولكن هذا بحد ذاته لا يكفي لاجتذاب الدول للانضمام إلى رؤيتها العالمية.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عدنان خان

2019_01_20_TLK_2_OK.pdf