الهاروني يلقي بمسؤولية غلاء المعيشة على المحتكرين ليُبرّئ السلطة من جرائمها
الخبر:
بمناسبة الذكرى الثامنة للثورة وأمام حشد من أبناء حركته صرح عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس شورى حركة النهضة والوزير السابق بأن سبب الغلاء الذي تعيشه البلاد هم المحتكرون الذين يستأثرون بالمنتوجات الفلاحية بأثمان بخسة من الفلاح ويبيعونها للمستهلك بأسعار باهظة، وهؤلاء لا يختلفون في خطورتهم عن الإرهابيين في متاجرتهم بأقوات الشعب التونسي، وطالب الحكومة بالضرب على أيدي هؤلاء المفسدين وإعلان حرب لا رحمة فيها على الذين يستهدفون قوت التونسيين والتونسيات.
التعليق:
بمثل هذا الخطاب الأجوف ووسط تصفيق وهتاف المريدين عمد الهاروني للذود عن الحكومة لتبرئتها من كل مسؤولية وجعلها مستهدفة بمعية الشعب من أعداء الثورة، فغلاء الأسعار وتدهور الطاقة الشرائية يرجع بالأساس إلى المحتكرين! ونسأله هنا إن صح كلامه، وهو يعلم مثل الجميع أن هذا زيف وباطل، أين هي الدولة أو عن أي دولة وعن أي حكومة تتحدث إن كان قلة من المحتكرين بإمكانهم أن يتحكموا في قوت التونسيين ويتلاعبوا بمصيرهم؟! وكيف تفتقت قريحتك عن مثل هذه الهرطقة؟! أهؤلاء المحتكرون هم من خفّض قيمة الدينار؟! أم هم من كبّل البلاد بالديون وجعلوها أسيرة صندوق النقد الدولي وإملاءاته؟! وهل هؤلاء هم من يرفع أسعار المحروقات دوريا رغم انخفاض سعر النفط بالسوق العالمية؟! هل هم من فرط بقطيع الأبقار برفع سعر الأعلاف لتصبح اللحوم الحمراء حكراً على الأغنياء، حراما على عوام أهل تونس؟!
بمثل هذه التصريحات نتأكد أن لا تراجع عن الخيارات السقيمة، فالكريم حين يخطئ يقر بخطئه ويرجع ويؤوب، ولكن من كان هذا دأبه لا يرجى له أوبة، فالكل يبصر ويرى الالتفاف على الثورة وكيف استطاع المستعمر عبر وكلائه فرض دستور علماني مقيت لا يفرز غير الضنك والشقاء، فالدستور وما انبثق عنه من تشريعات هو أس الداء وأصل البلاء، ثم القائمون على الدولة من أشباه الساسة؛ أليسوا هم أنفسهم الذين أذاقوا العباد الأمرين ليتصدّروا المشهد من جديد بعد أن تمت تبرئتهم وتنقيتهم في حمام المصالحة والتوافق ليصبحوا كفاءات وطنية لا غنى عنها؟! كنا نود أن نرى فصيلا طالما ادعى الإسلام أن يراجع أمره ويتخلى عن المسلك الأظلم ليتأمل كتاب ربه وسيرة نبيه عليه الصلاة والسلام ويتلمس طريق الحق فينفض عنه هذه الأوزار ويتبرأ من الحكم الجبري، ولكن يبدو أن متعة المنصب وبريق المال قد أغشى البصائر. ورغم أن حركة النهضة لم تنل في شراكة الحكم مع النداء إلا النزر القليل فإن قادتها يستميتون في الدفاع والذود عن الحكومة وخياراتها وكأن الشاهد هو ابنها البار!!
إن الجموع التي صفّقت وهللت لمغالطات الهاروني حينها لم تكن إلا مترنحة بخمرة الانتصار الموهوم، ولكن للسكر ميقات وإن طال نفد، وحينها ستتصدى الأمة بمجموعها وستكنس الظلمة وأعوانهم وتحاسب كل من تسبب في شقائها وحرمانها من شرع ربها ورضوانه، وقبل الختام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصانا أن إذا خُيّرنا بين العجز والفجور أن نختار العجز ولا نفجر، ومن عجز عن تغيير المنكر لا يحق له أن يمجّده ويباركه.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
طارق رافع