مجتمعات عجوز، وفساد النظام الرأسمالي
الخبر:
نشرت صحيفة القدس العربي يوم 20 كانون الثاني/يناير 2019، خبراً تحت عنوان: “النموذج الاجتماعي الاسكندينافي على المحك بفعل تراجع معدلات الخصوبة”. حيث كانت رئيسة الوزراء النرويجية، إيرنا سولبرغ قد قالت في كلمة وجهتها للشعب النرويجي: “النرويج بحاجة لمزيد من الأطفال. لا أظن أن عليّ إنجاز رسم توضيحي”.
التعليق:
تواجه البشرية اليوم أزمة تضعها على شفا الهاوية، فيما يتعلق بوضع الأسرة في المجتمع، واستقرار الحياة الأسرية بشكل عام. فانخفاض معدلات الزواج وارتفاع نسب الطلاق يهدد المجتمع بأزمة التفكك الأسري. هذا فضلاً عن التوجه المتسارع نحو التفرد وعدم الإنجاب حيث يرتفع عدد الأسر التي تمتلك طفلين فأقل، وينخفض عدد الأسر التي لديها ثلاثة أطفال فأكثر بشكل مطّرد.
النفور من الزواج، وعدم الرغبة في تحمل مسؤولية الإنجاب وتربية الأطفال الذين صاروا، حسب مقاييس النجاح في الحضارة الرأسمالية، يشكلون تهديداً للنجاح وتقييداً لكل من الأب والأم اللذين بات طموحهما كسب المال والتنمية المجتمعية المحصورة في الوظيفة والمنصب.
المستوى المطلوب من الخصوبة لموازاة مستويات الإحلال، أي الحفاظ على بنية ديموغرافية سليمة في المجتمع تحميه من “شيخوخة المجتمعات”، هو 2.1 طفل لكل أسرة. لكن هذا المستوى بات مهدداً بالانخفاض في دول كالنرويج والسويد وغيرها. ويحذر منه الساسة وخبراء الاجتماع على السواء.
الحضارة الرأسمالية بنظرتها القاصرة للرجل والمرأة وطبيعة العلاقة بينهما، لم تقضِ على النظام الأسري والفطرة البشرية فحسب، بل دمرت بنية المجتمع حيث قتلت الحياة الأسرية وأوجدت بدلاً منها بيئة خصبة للانحلال والرذيلة فقلّت نسبة المواليد في أسر طبيعية، وارتفعت نسبة أبناء الزنى. ثقافة “الاستزراع” هذه التي حذتها الرأسمالية، قابلتها ثقافة “إخصاء الشعوب” في الشيوعية، كما فعلت الصين.
هذه نتائج تشريعات الإنسان وتمرده على نظام ربه وخالقه، ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا…﴾.
وهذه الكوارث التي تهدد الأسرة للأسف لم ينجُ منها المسلمون. فقد وصلت النار إلى بلادنا وباتت تهدد أسرنا، وتؤثر في عقليات شبابنا وبناتنا. وما ذلك إلا لغياب الإسلام عن الحياة كنظام سياسي تطبقه دولة، ترعى به شؤون المسلمين. بل إن هذه الأنظمة التي تحذر شعوبها من خطر عدم الإنجاب وتشجعهم على زيادة المواليد، لأجل الحفاظ على مستوى الرفاهية والتقدم الاقتصادي، هي ذاتها التي تحارب ثقافة الإنجاب عند المسلمين، وتفرض عليهم قوانين تحديد النسل، وتورِّد لهم مفاهيم الصحة الإنجابية!…
﴿مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ [البقرة: 105]ٍ.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بيان جمال