نَبْنِي مِنَ الأَقْوَالِ قَصْراً شَامِخاً وَالْفِعْلُ دُونَ الشَّامِخَاتِ رُكَامُ
الخبر:
جاء في الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في انطلاق الدورة الأربعين لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التي مقرها جنيف في سويسرا، في إشارة منه إلى انتهاكات الصين لحقوق المسلمين الإيغور: (التقارير التي تشمل أدلة على انتهاك حقوق المسلمين في الإقليم بمن فيهم الأتراك الإيغور مثيرة للقلق وفي مقدمتها تقرير لجنة القضاء على التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة).
كما جاء في تقييمه للأوضاع هناك أيضا قوله: (مع قبولنا بحق الصين في مكافحة (الإرهاب)، نتطلع لاحترامها حقوق الأتراك الإيغور وبقية المجموعات المسلمة، نعتقد أنه يجب التمييز بين الإرهابيين والأبرياء)، ومن خلال تصريحاته هذه تمنى جاويش أوغلو من الصين أن تحترم حقوق الأتراك الإيغور وبقية المسلمين في حرية الاعتقاد والدين ضمن الحريات العالمية لحقوق الإنسان. (www.timeturk.com 2019/02/25).
التعليق:
إن اعتداءات الصين على المسلمين الإيغور في تركستان الشرقية؛ من قتل وتعذيب واضطهاد، ما هي إلا انعكاسات طبيعية للحقد والكراهية التي يحملها النظام الصيني تجاه الإسلام والمسلمين بسبب القيم والمعتقدات التي يؤمن بها المسلمون، بالإضافة إلى أن حقد الصينيين واعتداءاتهم على المسلمين ليس بأمر جديد، وذلك لأن أول اعتداء للصين على المسلمين في تركستان الشرقية يعود إلى ما قبل مئات السنين، حيث كان أول اعتداء في العام 1760م، وهنا ما يجب تنبيه المسلمين عليه هو موقف وكلام تركيا أمام نظام الصين الكافر، تركيا التي لطالما ادعت على لسان مسؤوليها أنها تمثل الإسلام والمسلمين في كل دول العالم، المدافعة والمنافحة عن قضايا الأمة.
بالنظر والتدقيق في تصريحات وزير الخارجية التركي نجد فيها الكثير من التناقضات.
فقد تحدث عن قبوله حق الصين في مكافحة (الإرهاب)، ثم طلب التفريق بين (الإرهابيين) والأبرياء… الآن نوجه السؤال لجاويش أوغلو: في مكافحة الصين (للإرهاب) مَن عليها أن تكافح؟ ومن هم (الإرهابيون) الذين قصدتهم؟ والأهم من ذلك كله من هم الأبرياء الذين تحدثت عنهم؟ في الأصل إن الإجابة على ذلك بسيطة جدا، فـ(الإرهابيون) في نظر الصين هم جميع المسلمين، أي كل من قبل بالدين الذي أنزل رحمة للعالمين، دين الهداية الإسلام، ديناً له هو (إرهابي) في اعتقاد الصين.
وبالتوازي مع الاجتماع الذي حضره جاويش أوغلو، اجتمعت في بكين وفود من حزب الوطن مع الحزب الشيوعي الصيني وجاء على لسان الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني يو وين “إن الدول الغربية تستهدف بشكل مقصود سياسات الصين العرقية، في الوقت نفسه هي الدول نفسها التي تقف ضد تطور تركيا، لذلك يمكن لتركيا أن تتخذ من الصين نموذجا ومثالا لها في مكافحة (الإرهاب)” (www.tr.sputniknews.com 2019/02/25)
بهذا الشكل أصبح واضحا وجليا كم أن موقف تركيا من الاعتداءات الوحشية للصين على المسلمين الإيغور، كم أنه موقف مزيف، كما أنه أصبح واضحا تماما من تقصد بـ(الإرهابيين)، كما نرى أيضا مدى تأثر الصين بكلام جاويش أوغلو عن حقوق الإنسان والتمييز العنصري.
من هذا كله نصل إلى نتيجة مفادها أن جميع تصريحات النظام التركي عن الانتهاكات التي تقوم بها الصين بحق المسلمين الإيغور ما هي إلا جعجعات فارغة لا تغني من فقر ولا تسمن من جوع، وأكبر دليل على أن انتقادات النظام التركي للوحشية والظلم الذي يتعرض له المسلمون الإيغور على يد الصين هي انتقادات كاذبة، هو أن النظام التركي يمارس الاضطهاد نفسه بحق حملة الدعوة المخلصين من شباب حزب التحرير في تركيا؛ العشرات من الشباب المخلصين في دعوتهم إلى الله والذين لا يقومون بأي عمل من أعمال (الإرهاب) لا المادية ولا المعنوية، شباب لم يحملوا إلا الفكر السليم والعقيدة الصحيحة يزج بهم النظام التركي في غياهب سجونه، ومن هذا كله نرى أن كلام جاويش أوغلو والنظام التركي؛ كلامهم وادعاءاتهم بأنهم هم المدافعون والمنافحون عن الإسلام والمسلمين، هي ادعاءات بعيدة كل البعد عن حقيقة أفعالهم وتصرفاتهم، ويا له من قول معبر وكأنه قيل فيهم تماما (نبني من الأقوال قصرا شامخا والفعل دون الشامخات ركام)، المعنى من ذلك إذا لم تتفق أقوال الإنسان مع أفعاله فهذا يعني أن هذا الإنسان إما جاهل أو غافل أو أحمق أو مراوغ أو مخادع خائن يخدع الناس بكلامه البراق، ليس له أي تفسير آخر، وفي كلام الحق سبحانه وتعالى التصوير الكامل لهؤلاء الناس حيث يقول تعالى في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: 2-3].
الخلاصة: على المسلمين والأمة الإسلامية إدراك أن العزة والشرف وطريق الخلاص لا يمكن البحث عنها عند الأعداء، لكن دائما وأبدا العزة والكرامة هي بيد الجليل العزيز، وطريق الخلاص الذي بينه الله للمسلمين خاصة وللإنسانية جمعاء إنما هو بطاعة الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم، وليس إلا دولة الخلافة الراشدة هي التي سوف توحد المسلمين تحت راية واحدة وتحفظ دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، وحسب الحديث الذي جاء في صحيح مسلم عن رواية أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رمضان أبو فرقان