قمة عربية أوروبية! لماذا؟
الخبر:
عقدت قمة عربية أوروبية لأول مرة يومي 24-2019/2/25 في شرم الشيخ بحضور ممثلين عن أربعين دولة من الجهتين.
التعليق:
تأتي هذه القمة بعد ثلاثة أيام من إعدام طاغية مصر السيسي 9 أشخاص من الأبرياء. ورغم إدانات دولية إلا أن الأوروبيين أصحاب حقوق الإنسان والمعارضين لحكم الإعدام لم يلتفتوا إلى ذلك وأصموا آذانهم وأغمضوا عيونهم كأنهم لا يسمعون ولا يرون!
ودعوة السيسي هذه لا تأتي إلا من مخطط أمريكي للتغطية على جرائمه المستمرة وآخرها إعدام هؤلاء الشبان التسعة التي يجب أن تقلب الدنيا على رأسه، وكذلك لدعم كرسيه المعوجة قوائمه، وتثبيت حكمه المتضعضع، وإكسابه شرعية بعدما اغتصب السلطة بانقلاب عسكري ترفض هذه الدول الديمقراطية التعامل معه إلا إذا اقتضت مصالحها ذلك. وخاصة بعد أن أعلن الطاغية السيسي عن مشروع تغييرات دستورية تبقيه في الحكم إلى أن يأخذه الله أخذ عزيز مقتدر. فقالت له أمريكا التي تعرف الأوروبيين، وهم على شاكلتها لا يهمهم إلا مصالحهم، قالت له وجّه دعوة لقمة عربية أوروبية سترى الأوروبيين يسارعون في الحضور ويتناسون كل جرائمك وكل تعديلاتك التي تخالف الديمقراطية وحقوق الإنسان التي نتاجر بها نحن وإياهم. أي أرادت أمريكا أن ترمي للأوروبيين عظمة ليركضوا خلفها فينقضوا عليها ويعضوا عليها بأنيابهم التي يسيل منها الدم على أمل منهم أن يعززوا اعتبارهم الدولي ويحصلوا على بعض المكاسب، ولعلهم يجدون سبيلا لإعادة نفوذهم في المناطق التي فقدوها. فوجدوها فرصة، وربما يدركون أهداف أمريكا من ذلك، ولكنهم رغم ذلك يقولون في أنفسهم فرصة لا تعوض! ولا يهمنا لو أعدم السيسي نصف مصر ما دام لنا مصلحة. ولسان حالهم يقول من الذين يقتلهم السيسي؟! إنه يقتل مسلمين متمسكين بدينهم لا نريدهم، ونحن وإياه على طريق واحد في هذا، فنحن وأمريكا نطلق عليهم (متطرفين وإرهابيين ومتشددين) فنقتلهم بشتى الطرق، نطلق عليهم كل الألقاب التي تغطي على جرائمنا ولتبرير ما نفعله نحن وإياه وأمريكا وروسيا والصين وكيان يهود ومن والانا وكان على طريقتنا المثلى حسب زعمهم الباطل! فنحن كلنا أولياء بعض، ومن يتولانا فهو منا، ومن عادانا فهو (متطرف ومتشدد وإرهابي). ألا بعدا لهم من قوم ظالمين!
وكل ذلك يدل على أن أوروبا لا تختلف عن أمريكا ولا يراهَن عليها، فهي تتاجر بأفكارها الغربية الزائفة من حقوق إنسان وحريات عامة وديمقراطية، وعندما يكون لها مصلحة تبيعها في أسواق النخاسة كسوق شرم الشيخ، كما تفعل أمريكا تماما، تتاجر بهذه الشعارات وتستخدمها لتحقيق مصالحها وإذا تناقضت مع مصالحها تبيعها في أي سوق ولو كانت دموية جدا، وهذا ما حصل، إذ دافعت في سبيل مصالحها ومنها مئات المليارات التي ستبتزها من نظام آل سعود، دافعت عن المجرم ابن سلمان في قتله الصحفي السعودي جمال خاشقجي بوحشية وبعملية غادرة باستدراجه إلى قنصلية بلاده في تركيا ولم يعطِ حرمة لأماكن السفراء والقناصل. فمن كل الجهات كانت عملية إجرامية حقيرة بكل المقاييس ومخالفة لقيم الإسلام.
وأمريكا فعلت ما هو أقذر من ذلك في سجون باغرام بأفغانستان وأبو غريب بالعراق عدا عن عدوانها الجائر على البلدين، فدخلتهما عنوة تقتل الناس وتدمر البلاد وتهلك الحرث والنسل بأسلحة الدمار الشامل التي تحرّمها على الآخرين وتبيحها لنفسها بحجة أنهم سيشنون الحروب بها فتحرمهم منها، أما هي فلا ضير إن فعلت ذلك وضربت القنابل النووية واستخدمت كل الأسلحة الفتاكة، بحجة الدفاع عن النفس والحفاظ على الأمن القومي! وكأن الآخرين لا أنفس لهم يدافعون عنها ولا أمنا قوميا ولا محليا لهم! تقول ذلك بمنطق أعوج لا يمكن تصوره، فعندما فرضت على تركيا العام الماضي عقوبات اقتصادية وقابلتها تركيا بمثل ذلك، قالت ليس لتركيا حق أن تفعل ذلك فهم يقومون بعملية انتقامية أما نحن ففرضنا العقوبات دفاعا عن أمننا القومي!! انظروا أيها الناس إلى هذا المنطق الأعوج الصادر عن متغطرس متجبر!
لأن المحور الذي تدور حوله سياستها هو تحقيق مصالح أمريكا، وكل رئيس أمريكي عندما يصل إلى الحكم يؤكد على ذلك. وجاء ترامب ليؤكد المؤكد، ويبرزه تحت شعار أمريكا أولا.
وفي ختام القمة عندما انتقد بعض الصحفيين عدم تطرق القمة لموضوع حقوق الإنسان، فأجاب رئيس المفوضية الأوروبية يونكر: “ليس صحيحا أننا لم نتطرق لحقوق الإنسان” ربما تطرقوا لرفع العتب، ولكن ليس تطرقا جادا يضغطون فيه على النظام المصري، ولو كانوا جادين لما لبّوا دعوة القاتل السيسي ولجعلوا دعوته لعقد القمة في مهب الريح. ولكنهم كاذبون مخادعون خاصة عندما يتعلق الأمر بقتل مسلمين يتمسكون بدينهم يطلقون عليهم إسلاميين. علما أن الإسلام واحد؛ كتاب الله وسنة رسوله، فكل من آمن بهما فهو مسلم، وكل من تمسك بهما فهو تقيّ كريم عند الله، وكل من فرط بهما فهو شقي وذليل عند الله.
وقال السيسي للصحفيين منتقدي عقوبة الإعدام: “لن تعلمونا إنسانيتنا، نحن لدينا إنسانيتنا ولدينا قيمنا ولدينا أخلاقنا”! أتخفى إنسانية السيسي وقيمه وأخلاقه على أحد؟! فهي القتل والتعذيب والسحق وتلفيق التهم الكاذبة بحق الأبرياء، وممارسة الكذب الصريح على الناس وتزوير الحقائق والوعود الكاذبة للشعب في مصر بالرفاهية ومن ثم تركهم يعانون الفقر والحرمان وخيانة الله ورسوله بمحاربته للدين وإعلانه أنه قام بانقلاب لمنع إقامة حكم ديني، وخيانته للمؤمنين وتعامله مع أمريكا وكيان يهود والعمل على خدمتهما ليل نهار، ونصرة الطغاة في العالم العربي…
هذه هي الدنيا التي يحكمها البغاة والطغاة أيها المسلمون! يحاربونكم ويحاربون دينكم ويفترون عليكم ويخادعونكم ويزورون الحقائق، دنيا يسودها النفاق والكذب والظلم والبغي والقتل بغير حق عند غياب عدل الإسلام. فعليكم أن تعوا على ما يدور حولكم وما يجري التآمر عليكم، فلا تراهنوا على أحد من الكافرين لا أمريكيين ولا أوروبيين ولا من والاهم وسار على سيرهم واستخدم شعاراتهم ولو كان من ملتكم وادّعى أنه مسلم. فلا تركنوا إليهم فتمسكم النار، وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون. فاركنوا لكل مسلم يتمسك بدينه ويخلص لربه ويدعو لإقامة حكمه متجسدا في خلافة راشدة على منهاج النبوة، فتسعدوا في الدنيا وفي الآخرة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور