تعدد الزوجات
الخبر:
في إحدى المقابلات التلفزيونية قال شيخ الأزهر: “… إن مسألة تعدد الزوجات تشهد ظلما للمرأة والأولاد في كثير من الأحيان…” وقال متسائلا: “هل المسلم حر في أن يتزوج ثانية وثالثة ورابعة أم أن هذه الحرية مقيدة بشروط؟ بمعنى أن التعدد حق مقيد أو نستطيع أن نقول إنه رخصة والرخصة تحتاج إلى سبب…” انتهى الاقتباس.
التعليق:
بالرغم من أن شيخ الأزهر يخبط في فهمه هذا خبط عشواء فلا يكاد يميز أو لا يريد أن يميز بين مسألتين:
المسألة الأولى: إن إباحة التعدد والجمع بين أكثر من زوجة هو تشريع ليس محل خلاف بين أي من المسلمين فهو معلوم من الدين بالضرورة من ينكره يخرج من ملة الإسلام، وليس هو من باب الرخص التي تزول بزوال سببها مثل كون الفطر والمسح رخصة في السفر…
والمسألة الثانية: هي أن الشارع لما أباح الزواج والتعدد مع علمه بأن المعدّد لا يستطيع العدل فذلك هو العدل القلبي والذي لا يدخل ضمن طاقة البشر، عن عائشة رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ فَيَعْدِلُ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذِهِ قِسْمَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» (رواه الترمذي)، فالعدل القلبي هو المقصود بقوله تعالى: ﴿وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ والآية في شطرها الآخر تبين هذا المعنى وتقرره إذ يقول الله سبحانه وتعالى فيها: ﴿… فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ﴾ فالميل الممنوع والذي فيه إثم هو الميل الرعوي الذي قوامه الصرف والنفقة فهذا ضمن طاقة البشر وإلا فإنه سبحانه لا يكلف نفسا إلا وسعها… فالشارع سبحانه أباح للرجل أن يعدد لحاجة ولغير حاجة، ولم يبح الزواج رخصة تزول بزوال سببها كما بين شيخ الأزهر ويأثم المعدد إن هو لم يعدل بين أزواجه فيما يملك من القسمة والنفقة…
وإذن فإن الشارع طلب ممن يريد الزواج بثانية وثالثة ورابعة أن يعدل في غير العدل القلبي من النفقة والقسمة ولم يمنعه من الزواج إن شك في أنه لن يعدل بل الشك مطروح ولكن إن غلب على ظنه أنه لا يستطيع العدل فلا يعدد ويبقى على زوج واحدة وهذا قوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً﴾، أما التشريع العام فهو ﴿مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ﴾ فكلام شيخ الأزهر يفهم منه، أو هكذا صرح، بأن الزواج بثانية وثالثة ورابعة هو ظلم في غالب حالاته وهذا ليس صحيحا، وإنما الظلم فيه هو خلاف الأصل فالعهدة فيه على المعدد فقد يظلم الرجل وهو ليس متزوجا إلا بواحدة فلا نقول له حينها إذن لا تتزوج وإنما نقول له اعدل في زوجك أو في أزواجك واتق الله فيها أو فيهن.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو المعتز بالله الأشقر