لماذا تخلى جاويش أوغلو التركي عن مسلمي تركستان الشرقية إلى الصين؟
(مترجم)
الخبر:
تقول السلطات التركية إن على السلطات الصينية احترام حقوق الإنسان للمسلمين، بما في ذلك حرية الدين. وأعرب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن قلقه إزاء سوء معاملة الصين المزعومة للإيغور وغيرهم من المسلمين في منطقة شينجيانغ، ودعا بكين إلى حماية حرية الدين هناك.
في ملاحظاته، لم يشر جاويش أوغلو على وجه التحديد إلى معسكرات الاعتقال الجماعية في المنطقة الغربية النائية من الصين.
ومع ذلك، أخبر منتدى جنيف أن التقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد الإيغور وغيرهم من المسلمين في شينجيانغ كانت سبباً للقلق. وقال جاويش أوغلو إنه يجب التمييز بين “الإرهابيين والأبرياء”.
ثم أدخل سطراً في ملاحظاته المعدّة، مضيفاً: “ولا بد لي من التأكيد على أننا ندعم سياسة الصين الواحدة”. وكان يشير إلى موقف الصين بأن البلاد تشمل تايوان ومناطق الحكم الذاتي، بما في ذلك شينجيانغ والتبت. (Aljazeera.com)
التعليق:
من خلال التأكيد على دعمه لسياسة “الصين الواحدة” التي أطلقتها الصين، يبدو الأمر أشبه بالحيلة الدبلوماسية لكشف السعودية ومحمد بن سلمان.
خلال زيارته للصين في 22 شباط/فبراير، أعلن محمد بن سلمان على التلفزيون الصيني الرسمي أن “الصين لديها الحق في اتخاذ تدابير لمكافحة الإرهاب وإزالة التطرف لحماية الأمن القومي”، مضيفاً “أن السعودية تحترمها وتدعمها وعلى استعداد لتعزيز التعاون مع الصين”، لطعن الخنجر في ظهر الأمة. وبفضل الدعم المتحمّس لمحمد بن سلمان، ستزيد الصين بلا شك خنقها البطيء للمسلمين في تركستان الشرقية.
بشكل مأساوي، التعليقات فقط تفاقم وضع المسلمين المرعب، ويبدو أن تركيا تدعم سلب أراضي المسلمين والإبادة الجماعية في حق الإيغور ما دامت الصين “تميز” بين “الإرهابيين” والأبرياء! وبماذا كانت تفكر تركيا عندما منعت الصين المسلمين من ممارسة شعائر الإسلام في أرضهم؟!
التملق اللين الوديع، ليس بالطريقة التي يدافع بها الشرفاء عن الإسلام، وتحمى بها أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ما الذي يمكن أن يفعله زعماء يهود أو النصارى، إذا تم احتجاز مليون شخص منهم في معسكرات الاعتقال الصينية، وتعذيبهم، وغسل أدمغتهم، وإجبارهم على ترك دينهم؟
طريقة عيش الإيغور تم القضاء عليها، وممارسة الإسلام ممنوعة، وتجبر النساء المسلمات على الزواج من الكفار الصينيين. ماذا تسمى إبادة سلالة أو عرق ببطء عن طريق القوة؟ سواء تم ذلك بسرعة عن طريق الرصاص، أو بطغيان ممنهج للدولة، فهذه هي الإبادة الجماعية الخبيثة – إبادة متعمدة ومنهجية لجماعة قومية أو عرقية أو سياسية أو ثقافية وهذه هي حالة المسلمين الإيغور.
لماذا هذا اليأس لاتهام الإسلام؟ هل يمكن أن تكون “الاشتراكية ذات الخصائص الصينية” ليست قوية بما فيه الكفاية لهزيمة الحق؟ ألا ينبغي أن تكون “حقيقة” الاشتراكية واضحة بذاتها دون الحاجة إلى اللجوء إلى التهديدات والقتل والتعذيب؟
هل هم خائفون جدا، ومغلقو الدماغ بحيث يخافون استكشاف الإسلام وما قد يقدمه لشعب الصين؟ أم هم منفتحون فقط لبناء “أمة” على أفكار الأجانب الغربيين؟
يبدو على الصين “انفصام”؛ فمن ناحية تتبنى “الاشتراكية” (وهي ليست صينية) ومن ناحية أخرى تريد أن تسيء إلى دين الإسلام على وجه الخصوص. لم تنبع الاشتراكية ولا الشيوعية من ماو ولا شي بينغ، ولم تأت الرأسمالية من دينغ.
ولهذه المأساة الإنسانية، لم ينظر محمد بن سلمان وجاويش أوغلو بالاتجاه الآخر فقط، وإنما دعموها غدرا بلا حياء ولا خجل.
لم يفعل المسلمون الإيغور أي شيء لجلب الكراهية والإرهاب من الحزب الشيوعي. هم أبرياء. إنهم الكفار في جشعهم وبحثهم عن المكاسب المادية، أوقعوا مرة أخرى هذه الوحشية الفاشية على البشرية. وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى بقوله ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ﴾.
الإسلام ليس مجرد “دين” بل هو مبدأ مبني على عقيدة فكرية عقلية، وهي تحتوي على كل ما يلزم لبناء نمط حياة كامل، يوفر الأمن لدم وممتلكات وشرف الناس. هذا ما يخافه المغتصبون في جميع أنحاء العالم.
فالإسلام يزيل استعباد الإنسان من طغيان حزب سياسي جشع ووحشي، ومن إمبراطور لا يحاسَب، إلى الحرية كطريقة للعيش التي تحمي حقوق كل فرد بعينه، رجلا كان أو امرأة أو طفلا، وتحاسب كل الزعماء وتخضعهم لتطبيق عدالة الإسلام، لعبادة الخالق والراعي الحقيقي الوحيد وهو الله سبحانه تعالى.
يجب أن يتذكر أردوغان وجاويش أوغلو، أنهما جزء من الأمة الإسلامية التي لها تاريخ نبيل في تطبيق الإسلام وحمله، وتحرير الناس من طغيان ما يسمى “الملوك والأباطرة” وإقامة مجتمع مستنير مبني على الإسلام. حيث كانت الحقوق محمية ومحترمة، وكنا موحدين كأمة واحدة، بناء على مبادئ عظيمة، غير مقسمين بناء على ألواننا أو مكان ولادتنا!
لإنقاذ إخواننا وأخواتنا وأولادنا في تركستان الشرقية وحيثما يتم اضطهاد المسلمين في العالم، يجب علينا أولاً أن نرفض هذه الأصفاد الباطلة التي ورثناها عن الاستعمار، والتي تسمى “الدول القومية” بحدود تقطع وتدمر جسد أمة الإسلام. ويجب علينا أن نبحث عن الحق ونشجع القادة الذين سيقودوننا بالإسلام ولن يرهبونا بنير أعدائنا. القادة الذين يؤمنون ويحافظون على تحذير الله ﴿وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِندَ اللّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد حمزة