رد على سفير الاتحاد الأوروبي
أورد موقع التاسعة يوم الخميس 7 آذار/مارس 2019 تصريحاً لسفير الاتحاد الأوروبي “باتريس برغاميني” في كلمة ألقاها خلال حفل بمناسبة عيد المرأة أنه “لو كان تونسيا لانتخب امرأة في كل الانتخابات سواء بمجلس نواب الشعب ولم لا على رأس الجمهورية؟”
بكل وضوح يصرح الغرب أنه لم ييأس من الدعوة إلى تغيير هوية المرأة المسلمة وسعيه في هذا الجانب كبير جدا، بل إن المرأة من الأسس التي ركز عليها بالتعاون مع من تبعه من المستغربين من بني جلدتنا والذين وُظفوا للدندنة في الداخل عبر بعض الصحف المسمومة والأبواق المأجورة.
وكان من أخطر السهام التي وُجهت للمرأة سهم خطير يتمثل في الدعوة إلى تولي المرأة رئاسة الوزارات والحكومات والسفارات والهجوم على أحكام الشريعة عموما وأحكام المرأة خصوصا بمساعدة علماء الدولار لتبرير هذا الأمر المطروح ومحاولة تسويغه شرعا لمغالطة الناس كما حصل في قضية الاختلاط وغيرها…
والعجيب الغريب أن سفير الاتحاد الأوروبي لم يلتفت للتقرير الذي أصدرته الأمم المتحدة حول أوضاع المرأة وعدد النساء في السلطة على المستوى الأمريكي المعدوم، ولم يلتفت للقارة الأوروبية حيث إن بها 9 دول فقط تُحكم من قِبل النساء من إجمالي 48 دولة. ولم يهتم إلى نسبة النساء في مجلس العموم لدى الدول الغربية الكافرة التي تبلغ حوالي 3% فقط أي 23 امرأة من مجموع 650 عضوا. ولم يهتم لتصريح مارتن تشوجونج، رئيس اتحاد البرلمان الدولي، بأن صعود المرأة إلى أعلى منصب في الدول الغربية خلال العامين الماضيين “بطيء بصورة مؤلمة” ولو سار الأمر بهذا المعدل فسوف يستغرق 50 عاما لتحقيق التكافؤ بين الرجال والنساء! مع ملاحظة أن هذه النسب ثابتة منذ ثلاثين عاما مضت، ولمعظم دول أوروبا! لم يلتفت لكل ذلك لأنه بكل الطرق يحاول أن يغطي عن تناقضاته وأن يعيد جاهدا قضية تولي المرأة المسلمة للحكم إلى دائرة الجدل مرة أخرى مع تجدد الحديث عن الانتخابات المقبلة في تونس، في تلميح إلى بعض النساء الديمقراطيات اللاتي تقوم وسائل الإعلام بالترويج لهن والدندنة حولهن!
وردا على هذه التصورات الخبيثة للسفير الأوروبي نقول:
نحن المسلمات نُقرّ ونؤمن بأن الإسلام دين الحق الذي كفل للمرأة أولا إنسانيتها في وقت كانت كثير من مجتمعاتكم الأوروبية تتخبَّط حول إنسانية المرأة وتناقش “هل المرأة إنسان أم مخلوق آخر”؟!
وقد أكرمنا الله بنظام الإسلام وأعطى للمرأة ما أعطى للرجل من الحقوق، وحذرنا من تولي المرأة للحكم واتخاذها القرارات النافذة في أمر الأمة. قال الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. وإن قول الرسول ﷺ وفعله وتقريره دليل شرعي يكفينا فارفعوا أيديكم عن المرأة المسلمة.
أيتها المسلمات في أرض الزيتونة:
لا يخدعنَّكَ مدحُ الباسمِ العبقِ *** بعضُ التَّبسمِ مصنوعٌ على حنقِ
فلا يخدعنكن السفير، فالله تعالى أمر بطاعته وطاعة رسوله ﷺ، وأمر برد المسائل المتنازع فيها إلى كتابه وسنة رسوله ﷺ. فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: لما بلغ رسول الله ﷺ أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى، قال: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً». رواه البخاري. وقال ابن حزم رحمه الله – في معرض حديثه عن الخلافة وتولي الحكم: “ولا خلاف بين أحد في أنها لا تجوز لامرأة”.
إن الإسلام أرشدنا إلى أن هناك أدوارا أهم للمرأة من توليها الحكم وأرفع من شهوة المناصب، وأن النساء يصنعن القادة وكن يخضن غمار الحياة كالرجال، فيقمن بالصراع الفكري والكفاح السياسي ويبايعن إلى جانب الرجال ويحاسبن الخليفة…
ولم يقصّر حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله في دعوة النساء بأن يكن بحق شقائق الرجال ضمن الأحكام الشرعية المنظمة، فلم تكن النساء المسلمات العاملات في صفه جهدا معطِّلا ولا ملازمات البيوت!
وفيما يخص تولي المرأة لمناصب الحكم فكان من أهم المواد المذكورة في مشروع الدستور الذي قدمه حزب التحرير ما يلي:
المادة 114: “تُعْطى المرأة ما يُعْطى الرجل من الحقوق، ويُفْرَضُ عليها ما يُفْرَضُ عليه من الواجبات إلا ما خصها الإسلام به، أو خص الرجل به بالأدلة الشرعية، فلها الحق في أن تزاول التجارة والزراعة والصناعة وأن تتولى العقود والمعاملات. وأن تملك كل أنواع الملك. وأن تنمي أموالها بنفسها وبغيرها، وأن تباشر جميع شؤون الحياة بنفسها.”
المادة 115: “يجوز للمرأة أن تُعَيَّنَ في وظائف الدولة، وفي مناصب القضاء ما عدا قضاء المظالم، وأن تنتخب أعضاء مجلس الأمة وأن تكون عضواً فيه، وأن تشترك في انتخاب الخليفة ومبايعته.”
المادة 116: “لا يجوز أن تتولى المرأة الحكم، فلا تكون خليفة ولا معاوناً ولا والياً ولا عاملاً ولا تباشر أي عمل يعتبر من الحكم، وكذلك لا تكون قاضي قضاة، ولا قاضياً في محكمة المظالم، ولا أمير جهاد.”
إننا ننتظر من السيدات الفضليات ونمد لهن أيدينا ليعملن بجد وصدق مع القسم النسائي لحزب التحرير في ولاية تونس لرفعة شأن المرأة في جميع النواحي قبل أن يحرصن على خوض غمار الانتخاب والنيابة، وأن نسمع منهن صيحة مدوية لنصرة هذه الدعوة وإلى وجوب التمسك بها لاستئناف الحياة الإسلامية، ذلك خير لهن والله يوفقنا لما فيه الخير والصلاح…
وختاماً أسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يقبضنا إليه غير مبدلين ولا مغيرين، وأن يهدي ضالَّ المسلمين. قال الله تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
خديجة بن حْميدة
2019_03_09_Art_Reply_to_the_Ambassador_of_the_European_Union_AR_OK_2.pdf