Take a fresh look at your lifestyle.

يا أهل الجزائر: لا تبرحوا جبل الرماة!!

 

يا أهل الجزائر: لا تبرحوا جبل الرماة!!

 

 

الخبر:

 

رغم إعلان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة انسحابه من السباق الرئاسي بعد نجاح الشعب الجزائري في قطع طريقه للترشح لولاية خامسة، إلا أن المظاهرات والاحتجاجات ما زالت مدويّة بقوة في الشارع الجزائري ولا زالت أصوات المطالبين والمحتجين تعلو “سوف نتظاهر بإصرار أكبر لإسقاط النظام، لإسقاط هذه المافيا”.

 

التعليق:

 

هذه الثورة في الجزائر هي من نوع خاص، ونحن لا نتنبّأ نجاحها أو إخفاقها، لكننا بهذا التحرّك الكبير والمدوّي نثبت من جديد للشرق والغرب بحكوماتهم وأسلحتهم وعدّتهم وعتادهم ومعهم أذنابهم التبّع من حكّام خونة أن أمّة الإسلام حيّة لا تموت وإرادتها في التغيير وقلع هذه الأنظمة مستمرّة ومتغلغلة.. قد تأخذ أساليب وأشكالا وأزمنة وحتى طرقا مختلفة لكن أبدا لن تهدأ بعد الآن!

 

فرغم تجارب الثورات في تونس وليبيا ومصر والجزائر وسوريا والسودان، ورغم الإخفاق والفشل والقتل والترويع والترهيب، رغم التشريد والتجويع، رغم الإعدام والاعتقال والاعتداء على الأعراض والحرمات، رغم الديكتاتوريات التي عادت تبطش أكثر من قبل، رغم الاقتصاد المنهار والجريمة المتفشية والقضاء الفاسد وخراب الصحة والتعليم ومصالح الناس التي ضاعت وحقوقهم التي أهدرت، رغم حرق الشباب أنفسهم أحياءً أو حرق الحدود في قوارب الموت، رغم حجم القهر والظلم الذي جاوز مداه،… إلاّ أن الأمة لا تهاب كلّ هذا البطش والإخفاق، وما زالت تتمرّد على أنظمتها وحكامها وما زالت تأمل في التغيير والإصلاح وإن فشل الآخرون!! وقد خرج الكثير من المطبّلين للأنظمة العلمانية الفاسدة ينشرون بين الناس الضعف والهوان ويلومونهم على الخروج على الحكام معلّلين ذلك بالحالة المأساوية التي وصلت إليها شعوب الثورات حتى وصل بهم الحدّ أن أشاعوا بين الناس: وماذا لو صبرتم على مبارك وبن علي والقذافي، كنتم كفيتم شرّ السيسي والسبسي وحفتر، ماذا لو رضيتم ببشّار، كنتم كفيتم شرّ إراقة الأرواح والأنفس والثمرات؟!!

 

بمثل هذا العنوان الحاقد “نحكمكم أو نقتلكم” ظنّ الكثير من الخائنين أنهم سينشرون في هذه الأمة تثبيطا ويأسا وجمودا، لكن ثورة الجزائر هدمت نسيج العنكبوت الذي يلتفّ حول الأمة، وأعادت الحماسة من جديد بين أبنائها وأطالت في نفس الثائرين وهذه هي ميزة هذه الثورة!

 

أنها كانت شاهدة على جيرانها وجبروت حكامهم، وشاهدة على تآمر أمريكا وبريطانيا وروسيا وفرنسا والأمم المتحدة ودويلات الخليج وتركيا وإيران وبلدان العرب والعجم، لكنها لم تقنط ولم تخف من أن يكون مصيرها هو مصير من قبلها، فكل الحكّام مستعدّون لقتل شعوبهم بلا رحمة لكنّ هذه الأمة ما زالت مستعدّة أن تقاوم حتى يأتي الله بأمره.

 

ولكن، يا أهل الجزائر!

 

إن أولى الثمار تكون طيّبة زكيّة، لكن احذروا السمّ مع الدسم وإياكم والوقوع في فخ “المرحلة الانتقالية واللحظة الحاسمة”! فكما أنكم تعلّمتم الدرس ممّن قبلكم، فإنّ أعداءكم تعلّموا الدرس كذلك، فلا تدعوا السًبق لهم! سيجعلونكم تشعرون أنكم انتصرتم وحققتم غاياتكم وستتلذّذون نشوة الانتصار، سيخرج منكم من مخبئه من ينادي بالنضال والمقاومة ويتزعّم البطولات، سيتنحّى الرئيس ومعه وزراء كثيرون، وتفرّ العصابات وتستقيل الكوادر، وها هو إيمانويل ماكرون يرحب بقرار بوتفليقة، ويدعو إلى “مرحلة انتقالية بمهلة معقولة”! وها هو رئيس الأركان الجزائري نائب وزير الدفاع يتودّد لأهل الجزائر ويحيّي موقفهم العظيم بعد عشرين عاما من الظلم والبطش!

 

يا أهل الجزائر،

 

لا تبرحوا جبل الرماة، ولكم في “يوم أحد” عبرة!

 

لا تظنّوها ولّت وانتهت بانسحاب بوتفليقة، فهذه الدمى المتحركة يُصنَع منها الكثير، بلحية أو ببدلة، فلا تولّوهم الأدبار!

 

قفوا أماكنكم وسدّوا ثغراتكم ولا تطلبوها مدنيّة أو ديمقراطية ولا علمانيّة!

 

لقد أمضيتم مع الاستعمار الفرنسي مائة وثلاثين عاما، قدّمتم الأرواح والأبناء وخُضّبت أراضيكم بدماء الشهداء، ومرّت عليكم عقودٌ عجاف إلى أن آل بكم الحال أن يتولّى أمركم حاكم ميّت، واليوم وقد وصلتم إلى مرحلة حاسمة التحم فيها الجيش مع الشعب، أتمّوها بالإسلام!

 

خرجتم رافضين العهدة الخامسة والرابعة، فاخرجوا طالبين عهدا مع الله ورسوله بأن تحكموا بالإسلام وتعلنوها خلافة راشدة على منهاج النبوة فتنالوا خير الدنيا والآخرة!

 

أمتكم جاهزة لأن تنتفض على أنظمة الاستعمار كافة ومستعدّة بأن تضحّي بالدماء والأموال والأنفس والثمرات، هي ترقب فقط من يأخذ المبادرة ويخطو خطوته الأولى لقلب كفّة من الميزان، وستقلب هي الباقي فكونوا على ثقة بربكم وحسن الظنّ بأمتكم!

 

﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [يوسف: 110]

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

نسرين بوظافري

 

2019_03_16_TLK_2_OK.pdf