الغرب يدعم الحكومات الديكتاتورية في العالم
الخبر:
في المقال الذي نشر في موقع (ميدل ايست آي) البريطاني، والصادر بقلم الكاتب “سي جاي ويرلمان”: (إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعطى الضوء الأخضر لقادة دول الشرق الأوسط القمعيين، باستخدام أي وسيلة ضرورية لسحق شعوبهم المتطرفة)، ويضيف الكاتب (إن عقيدة ترامب في هذا السياق تتمثل في: “فليذهب العمل على تعزيز الإصلاحات الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى جهنم”).
التعليق:
قد استدل بعدة مواقف للرئيس الأمريكي ترامب، تؤكد وقوفه مع الدكتاتوريات، كموقفه مع بشار أسد، الذي دمر بلده بالكامل، ووقوفه مع ابن سلمان، الذي قتل الصحفي جمال خاشقجي بطريقة بشعة، وكذلك السيسي الذي قتل ثمانمائة من المدنيين العزل في ميدان رابعة فيهم عدد كبير من الأطفال والنساء، بدم بارد ولا يزال يعدم الشباب. وقد حاول الكاتب تثبيت أن فكرة دعم الأنظمة الاستبدادية إنما هي سياسة متعلقة بالرئيس ترامب! مخالفاً بذلك الحقائق التاريخية والواقع، والشهادة على الأعمال الانقلابية التي قامت بها، أو دعمتها أمريكا، ليست أقوال صحف أو تحليلات سياسية، إنما شهادة نأخذها من الوثائق السرية للمخابرات الأمريكية سي آي إيه التي فُك الحظر عنها في العام 1999م، نذكر منها على سبيل المثال الانقلاب على الرئيس الإيراني مصدق عام 1953م، والرئيس جاكوب في غواتيمالا الذي فتح باب الحريات على نطاق واسع، إذ سقط بانقلاب مدعوم من السي آي إيه، ثم توالت الانقلابات في غواتيمالا، أربعة انقلابات متتالية. وكذا انقلاب الكونغو برازفيل 1961 بعد اغتيال الرئيس المنتخب لوممبا، والقائمة تطول، إلى أن تطال منطقة الشرق الأوسط، في العراق، وسوريا، ومصر، والسودان، وغيرها، وقد صرح بذلك جورج بوش الابن حينما قال: (ظللنا ندعم الاستقرار لمدة 60 سنة)، أي دعم الأنظمة الاستبدادية.
ولا ينحصر دعم الأنظمة الاستبدادية بأمريكا وحدها، فالدول الأوروبية كانت ولا تزال لها يد طولى في هذا المضمار، نشرت الشروق في 2011/02/24م: (اعترف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن كلا من واشنطن ولندن ساهمتا في عدم استقرار منطقة الشرق الأوسط، بدعمهما للأنظمة الديكتاتورية القامعة لحقوق الإنسان، وأشار كاميرون أن بريطانيا وغيرها ساندت حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، ودعمت الأنظمة السلطوية في الخليج). أما فرنسا، فإنها تنشط في غرب أفريقيا، كأنها جزء من ملكيتها، فقد تدخلت عسكرياً في أفريقيا وعلى مدى عامين في كل من جيبوتي ومالي، وأفريقيا الوسطى، وتشاد، بالإضافة إلى قواتها الموجودة في السنغال، وبوركينافاسو، والكونغو، والغابون، وغيرها، وأن شركاتها الأمنية المنتشرة، لها دور فاعل في دعم الحكام المستبدين. وصف رئيس الاتحاد الوطني للأطباء الفدراليين فرانسوا دوروش القمة العربية الأوروبية التي عقدت في شرم الشيخ، بحفل تنكري يقوم فيه الأوروبيون بجمع المال من الأثرياء العرب العابثين، لدعم الاقتصادات الأوروبية بشكل أقرب لدفع الجزية منه لأي شيء آخر).
أما لماذا يدعم الغرب الأنظمة العربية المستبدة، فقد أجاب عنه أحد المفكرين الغربيين: (إن دعم الحكام المستبدين الذين يمثلون التخلف في العالم العربي، والذين يعملون على إبقائه في حالة الضعف، أصبح أهمية قصوى للولايات المتحدة والغرب). وبناء على ما سبق يمكن القول بأن الحركات الثورية في منطقة الشرق الأوسط أمامها نوعان من المعارضين؛ الأنظمة المستبدة، ومؤيدوها في الغرب! وهذا يجعل الحركة الثورية لها بعد دولي، أو بجعلها تسعى لأن يكون لها تأثير دولي.
إن كان هذا هو موقف الدول الغربية من بلادنا الإسلامية، والسودان جزء منه، فكيف يتأتي لنا أن نتظاهر أمام مكاتب الاتحاد الأوروبي، أو أمام الكونغرس الأمريكي، أو في بريطانيا، أو غيرها من الدول الأوروبية، وننتظر منها أن تعيننا أن نتخلى من هؤلاء الحكام الطواغيت؟! إن الذي يريد أن ينعتق من السياسة الغربية، عليه أن يعتمد وبشكل نهائي على أمته، بعد الاعتماد على الله سبحانه وتعالى، وإلا فقد باشر انتحاراً سياسياً، يؤدي به إلى السقوط تحت أقدام القوى الغربية، بعد نفاد مخزون طاقته الحماسية.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس / حسب الله النور – الخرطوم