البحث عن القائد الحقيقي في خضم جنون الفساد السياسي
(مترجم)
الخبر:
وجهت وكالة مكافحة الكسب غير المشروع الإندونيسية في 16 آذار/مارس تهمة لسياسي إسلامي بارز يدعم حملة إعادة انتخاب الرئيس جوكو ويدودو كمشتبه به في قضية رشوة. قام محمد رومورموزي (رومي) رئيس حزب التنمية المتحدة (PPI) بقبول الرشاوى لتعيين شخصين في وظائف رفيعة المستوى في وزارة الشؤون الدينية. ومن المفارقات أنه قبل ثلاثة أشهر من الاعتقال قام رومورموزي بتحميل مقطع فيديو خاص به يتعلق بحملة مكافحة الفساد على حسابه على تويتر. في هذا الفيديو، أشار إلى الظواهر في النظام والتي يمكن أن تجعل المسؤول مجرماً بسهولة، فقط فرق بسيط بين الاثنين، مسؤولو اليوم يمكن أن يصبحوا مجرمي الغد. كما أنه خلص إلى أن النظام السياسي الحالي يحتاج إلى أموال كبيرة للبقاء على قيد الحياة من التنافس الصعب، لأنه نظام سياسي مرتفع التكلفة.
التعليق:
إن إلقاء القبض على رومي هو بالتأكيد علامة واضحة على فشل النظام السياسي العلماني الذي اعترف المدعى عليه بسخرية بأنه نظام سياسي قادر على تحويل المسؤول على الفور إلى مجرم. هذا السياسي البارز الذي يدعم نظام جوكوي أخيراً بوعي اختار أن يصبح مجرماً على الرغم من أنه صرخ سابقاً بشأن مكافحة الفساد. هذه الظاهرة تثير لنا بعض الأسئلة. أين يمكن أن نجد قائداً حقيقياً وصادقاً في تفشي الفساد النظامي؟ أين بالضبط موقع سياسة التوحيد التي قامت عليها حركة 212 – في خضم جنون الانتخابات هذا العام؟
أصبحت اليوم السياسة العلمانية للديمقراطية ووجهات النظر السياسية للأمة قصيرة النظر وسطحية للغاية. لقد فقد السياسيون المسلمون أخيراً هويتهم ونزاهتهم. إنهم لا يحجمون عن رهن بلادهم التي استعمرها الأجانب لإثراء أنفسهم أو أسرهم أو مجموعاتهم – كل ذلك من أجل البقاء والعيش في مرحلة سياسية باهظة الثمن. لا عجب على الفور أن أولئك الأشخاص الطيبين في البداية يمكن أن يتحولوا بسهولة إلى فاسدين ومجرمين. إنهم لا يتداولون فقط الفساد في منصبهم الوظيفي بل إن أخطر أشكال الفساد السياسي هو تبادل المواد في القوانين أو القرارات السياسية مثل إسكات صوت المخلصين. ليس من المستغرب أن يتحول العديد من مسؤولي الحزب والبرلمان الذين يجب أن يكونوا قدوة للشعب، إلى أداة للفساد وحتى للاستبداد السياسي.
هؤلاء السياسيون الفاسدون لديهم القلب أيضاً في السيطرة على أصوات الأمة ومعالجتها، من أجل دعم الجماعات ذات النفوذ الرأسمالي التي تبيع روايات الإسلاموفوبيا ومناهضة الخلافة. لا عجب في أن الانتخابات العامة لهذا العام مشوشة للغاية دون أي مجال لرؤية واضحة لسياسة التوحيد لمستقبل هذا البلد، لا يوجد سوى تنافس قوي بين المصالح على مستوى النخبة، على الرغم من أن الأمة لديها ثورة أيديولوجية على الأرض. تم إسكات صوت الأيديولوجية التوحيدية للشعب من خلال حل حزب التحرير في إندونيسيا باعتباره المنظمة الجماهيرية الرائدة في إندونيسيا والتي غالباً ما تعبر عن الأيديولوجية الإسلامية.
هؤلاء السياسيون الفاسدون ليسوا أكثر من عبيد للسياسة البراغماتية الذين يتحدثون باسم أسيادهم ولم يعودوا خائفين من ربهم. من الطبيعي لسياسي مثل رومي أن يرغب في المخاطرة بنزاهته، وإسكات منظمة إسلامية مخلصة، وتشويه فكرة الخلافة فقط من أجل مصلحة جماعته.
مصطلح السياسة في الإسلام يعني في الواقع رعاية شؤون الناس بالأحكام الإسلامية داخل البلاد وخارجها. من هذا التعريف يمكننا أن نفهم بالضبط معنى المصلحة السياسية بالنسبة للمسلمين؛ وهذا توحيد سياسي، وليس مجرد مصالح سياسية. السياسة التوحيدية تتضح من سيرة النبي والخلفاء الراشدين من بعده. تكون السياسة من الأمة والدولة. الدولة مؤسسة تنظم شؤون الناس عملياً. ثم الأمة تحاسبها على أداء واجباتها. ونتيجة لذلك، في هذا المفهوم للسياسة في الإسلام، لا يهتم المسلمون فقط بدولة يمكنها أن تزدهر وتروج لهم مادياً، بل أيضاً دولة ترغب في دعم وتنفيذ سياسة التوحيد والشريعة الإسلامية.
منذ فترة طويلة تم تزويد المسلمين بالفكر السياسي الإسلامي النبيل، بحيث الأمة لديها فهم عميق أن مصلحتهم السياسية لها بعد روحي، ذات بصيرة ومستدامة على المدى الطويل. وليست مصلحة لحظية سطحية وتهدد مهمة التوحيد وهي عبادة الله سبحانه وتعالى. تجدر الإشارة إلى أن الاهتمام السياسي الصحيح في نظر الإسلام، لا ينبغي أن يبرر أي وسيلة، ناهيك عن التجارة بأنفسهم ودينهم؛ لا يجب أن تتوقف فقط في سياق المصالح قصيرة الأجل واللحظية، بل يجب أن تلتزم بإطار الدعوة الإسلامية المرتبط بالتغيير الجوهري الطويل الأجل.
في الواقع، فإن الأمة تفتقد إلى حد كبير قيادتها الحقيقية التي جسدها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أثبت نجاحه السياسي على مدى قرون. يجب أن يدرك المسلمون في إندونيسيا أن اهتماماتهم السياسية يجب أن تنصب على ما علمنا إياه رسول الله، ولذا فإن المسلمين في إندونيسيا ملزمون هذا العام بالسعي وانتخاب قادة لديهم الرغبة والقادرة على تطبيق الشريعة الإسلامية ككل، من أجل مستقبل الأمة والإسلام المستدام.
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالاً بَعِيداً﴾ [النساء: 60]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير