بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح166) دائرة الأمن الداخلي, والشرطة بقسميها: شرطة الجيش, وشرطة حفظ الأمن
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح166) دائرة الأمن الداخلي, والشرطة بقسميها: شرطة الجيش, وشرطة حفظ الأمن
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: “بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ”وَمَعَ الحَلْقَةِ السَّادِسَةِ وَالسِّتِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا:”دَائِرَةُ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ, وَالشُّرطَةُ بِقِسْمَيهَا: شُرطَةُ الجَيشِ, وَشُرطَةُ حِفْظِ الأَمْنِ”. نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَتين: الثَّامِنَةِ وَالتَّاسِعَةِ بَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ “نظامُ الإسلام” لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
المادة 70: تَتَوَلَّى دَائِرَةُ الأَمْنِ الدَّاخِلِي إِدَارَةَ كُلِّ مَا لَهُ مَسَاسٌ بِالأَمْنِ، وَمَنْعِ كُلِّ مَا يُهَدِّدُ الأَمْنَ الدَّاخِلِيَّ، وَتَحْفَظُ الأَمْنَ فِي البِلَادِ بِوَاسِطَةِ الشُّرطَةِ، وَلَا تَلْجَأُ إِلَى الجَيشِ إِلَّا بِأَمْرٍ مِنَ الخَلِيفَةِ. وَرَئِيسُ هَذِهِ الدَّائِرَةِ يُسَمَّى (مُدِيرَ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ). وَلِهَذِهِ الدَّائِرَةُ فُرُوعٌ فِي الوِلَايَاتِ تُسَمَّى (إِدَارَاتِ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ)، وَيُسَمَّى رَئِيسُ الإِدَارَةِ (صَاحِبَ الشُّرطَةِ) فِي الوِلَايَةِ.
المادة 71: الشُّرطَةُ قِسْمَانِ: شُرطَةُ الجَيشِ: وَهِيَ تَتْبَعُ أَمِيرَ الجِهَادِ أَيْ دَائِرَةَ الحَربِيَّةِ، وَالشُّرطَةُ الَّتِي بَينَ يَدَيِ الحَاكِمِ لِحِفْظِ الأَمْنِ, وَهِيَ تَتبَعُ دَائِرَةَ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ، وَالقِسمَانِ يُدَرَّبَانِ تَدْرِيباً خَاصّاً بِثَقَافَةٍ خَاصَّةٍ تُمَكِّنُهُمَا مِنْ أَدَاءِ مُهِمَّاتِهِمَا بِإِحْسَانٍ.
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا,وَهَاتَانِ هُمَا الـمَادَّتَانِ السَّبعُونَ, وَالوَاحِدِةُ وَالسَّبعُونَ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَاتَينِ الـمَادَّتَينِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:
أولا: المادة السبعون: تَتَوَلَّى الأَمْنَ الدَّاخِلِيَّ دَائِرَةٌ تُسَمَّى (دَائِرَةَ الأَمْنَ الدَّاخِلِيِّ)، يَرأَسُهَا (مُدِيرُ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ). وَيَكُونُ لِهَذِهِ الدَّائِرَةِ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ فَرْعٌ يُسَمَّى (إِدَارَةَ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ) يَرأَسُهَا (صَاحِبُ الشُّرطَةِ) فِي الوِلَايَةِ، يَكُونَ تَابِعًا لِلوَالِي مِنْ حَيثُ التَّنفِيذُ، وَلَكِنَّهُ يَكُونُ مِنْ حَيثُ الإِدَارَةُ تَابِعًا لِـ (دَائِرَةِ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ)، ويُنظَمُ ذَلِكَ بِقَانُونٍ خَاصٍّ.
وَدَائِرَةُ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ هِيَ الدَّائِرَةُ الَّتِي تَتَولَّى إِدَارَةَ كُلِّ مَا لَهُ مَسَاسٌ بِالأَمْنِ، وَتَتَولَّى حِفْظَ الأَمْنِ فِي البِلَادِ بَوَسَاطَة الشُّرطَةِ، فَهِيَ الوَسِيلَةُ الرَّئِيسَةُ لِحِفْظِ الأَمْنِ، فَلَهَا أَنْ تَسْتَخْدِمَ الشُّرطَةَ فِي كُلِّ وَقْتٍ تُرِيدُ، وَكَمَا تُرِيدُ، وَأَمرُهَا نَافِذٌ فَوراً. وَأَمَّا إِذَا دَعَتْهَا الحَاجَةُ إِلَى الاستِعَانَةِ بِالجَيشِ، فَإِنَّ عَلَيهَا أَنْ تَرفَعَ الأَمْرَ لِلخَلِيفَةِ، وَلَهُ أَنْ يَأْمُرَ الجَيشَ بِإِعَانَةِ دَائِرَةِ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ، أَوْ بِإِمْدَادِهَا بِقُوَّاتٍ عَسْكَرِيَّةٍ لِمُسَاعَدَتِهَا فِي حِفْظِ الأَمْنِ، أَوْ أَيِّ أَمْرٍ يَرَاهُ، وَلَهُ أَنْ يَرفُضَ طَلَبَهَا، وَيَأْمُرُهَا بِالاكْتِفَاءِ بِالشُّرطَةِ.
ثانيًا: المادة الواحدة والسبعون: الشُّرطَةُ قِسْمَانِ: شرُطَةُ الجَيشِ، وَالشُّرطَةُ الَّتِي بَينَ يَدَيِ الحَاكِمِ، وَهَذِهِ تَكُونُ بِلِبَاسٍ خَاٍّص، وَعَلَامَاتٍ مُـمَـَيَّزَةٍ لِحِفْظِ الأَمْنِ.
قَالَ الأَزْهَرِيُّ (شُرْطَةُ كُلِّ شَيءٍ خِيَارُهُ، مِنهُ الشُّرَطُ؛ لِأَنَّهُمْ نُخبَةُ الجُنْدِ. وَقِيلَ: هُمْ أَوَّلُ طَائِفَةٍ تَتَقَدَّمُ الجَيشَ، وَقِيلَ: سُمُّوا شُرَطاً؛ لِأَنَّ لَـهُمْ عَلَامَاتٌ يُعرَفُونَ بِهَا فِي اللِّبَاسِ وَالهَيئَةِ) وَهُوَ اختِيَارُ الأَصْمَعِيِّ. وَجَاءَ فِي القَامُوسِ (وَالشُّرطَةُ بِالضَّمِّ … وَاحِدُ الشُّرَطِ, وَهُمْ أَوَّلُ كَتِيبَةٍ تَشْهَدُ الحَرْبَ وَتَتَهَيَّأُ لِلمَوتِ، وَطَائِفَةٌ مِنْ أَعْوَانِ الوُلَاةِ، وَهُوَ شُرْطِيٌّ كَتُرْكِيّ وَجُهَنِيّ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُوا أَنفُسَهُمْ بِعَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا).
أَمَّا شُرْطَةُ الجَيشِ، وَهِيَ فِرْقَةٌ مِنَ الجَيشِ لَـهَا عَلَامَةٌ تَتَقَدَّمُ الجَيشَ لِضَبْطِ أُمُورِهِ، فَهِيَ جُزْءٌ مِنَ الجَيشِ تَتْبَعُ أَمِيرَ الجِهَادِ، أَيْ تَتْبَعُ دَائِرَةَ الحَربِيَّةِ. وَأَمَّا الشُّرطَةُ الَّتِي بَينَ يَدَيِ الحُكَّامِ, فَهِيَ تَتْبَعُ دَائِرَةَ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ. فَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ «إِنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ كَانَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ مِنَ الأَمِيرِ». وَالـمُرَادُ هُنَا قَيسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الأَنصَارِيِّ الخَزرَجِيِّ، وَقَدْ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ بِلَفْظِ: «كَانَ قَـيْسُ بْنُ سَعْدٍ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ مِنَ الأَمِيرِ، قَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَعْنِي مِمَّا يَلِي مِنْ أُمُورِهِ».
وَيَجُوزُ لِلخَلِيفَةِ أَنْ يَجْعَلَ الشُّرطَةَ كُلَّهَا الَّتِي تَحْفَظُ الأَمْنَ الدَّاخِلِيَّ قِسْماً مِنَ الجَـيشِ، أَيْ تَابِعَةً لِدَائِرَةِ الحَربِيَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَهَا دَائِرَةً مُستَقِلَّةً أَيْ دَائِرَةَ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ.
وَقَدْ تَمَّ فِي هَذِهِ الـمَادَّةِ تَبَنِّي استِقْلَالَ هَذَا القِسْمِ، أَيِ الشُّرْطَةُ الَّتِي بَينَ يَدَيِ الحُكَّامِ لِحِفْظِ الأَمْنِ، وَأَنْ يَكُونَ تَابِعاً لِدَائِرَةِ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ كَجهَازٍ مُستَقِلٍّ يَتْبَعُ الخَلِيفَةَ مُبَاشَرَةً مِثْلَ بَاقِي أَجْهِزَةِ الدَّولَةِ، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ أَنَسٍ السَّابِقِ عَنْ قَيسِ بْنِ سَعْدٍ، وَتَبَعًا لِتَبَنِّي استِقْلَالِ الدَّوَائِرِ الأَرْبَعِ الـمُتَعَلِّقَةِ بِالجِهَادِ، وَأَنْ يَتْبَعَ كُلٌّ مِنهَا الخَلِيفَةَ، وَلَيسَ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا جِهَازاً وَاحِداً. وَهَكَذَا فَإِنَّ الشُّرْطَةَ تَابِعَةٌ لِدَائِرَةِ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.