ما زال القاتل الاقتصادي “صندوق النقد الدولي” يرتع في البلاد
الخبر
من المنتظر أن تنطلق يوم الأربعاء 27 آذار/مارس 2019 بعثة من صندوق النقد الدولي في زيارةٍ لتونس، وستستمر هذه الزيارة إلى يوم 09 نيسان/أبريل القادم.
وفي تصريح سابق لوكالة رويترز، قال الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بمتابعة الإصلاحات الكبرى توفيق الراجحي، إنه سيتم إجراء نقاشات حول المراجعة الخامسة من برنامج القرض المبرم مع تونس.
وكان الناطق باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس في تصريح صحفي نُشر على تويتر، اعتبر أن الاقتصاد التونسي رغم تعافيه المتواضع يبقى هشا.
التعليق:
أكثر من ثلاثين سنة مرت على حزمة الإصلاحات المزعومة التي فرضها صندوق النقد الدولي سنة 1986 على تونس، والتي قامت زورا وبهتانا على برنامج إصلاحي اقتصادي قائم على خصخصة القطاع العام وخلق الأشكال الهشّة للتوظيف على غرار المناولة والآليات، طبقها النظام السابق، مما خلق تباينا في المستوى المعيشي بين الفئات المجتمعيّة والجهات.
واليوم وكأن التاريخ يعيد نفسه، فمنذ ما بعد ثورة 2011 والحديث يدور حول الإصلاحات الهيكلية التي ستُقبل على تنفيذها الدولة التونسية بوصاية من المانحين الدوليين وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي، والتي ستشمل جل القطاعات الحيوية ومجالات التدخل الاقتصادي والاجتماعي، وبان جليا أن هذه المؤسسات المالية الدولية تحاول فـرض برنـامج إصـلاح هـيكلي مدمر للاقتصـاد التـونسي له تبعات مجتمعيّة خطيرة على مستوى عيش الناس.
وما هذه الحكومات المتعاقبة، إلا أداة تنفيذ لأوامر وقرارات المؤسسات الرأسمالية العالمية، وما يزعمون من سيادة وإرادة ومنوال تنمية وبرامج اقتصادية إن هو إلا ضحك على الذقون وتضليل للشعوب، وإن منوال التنمية الوحيد الذي تتوجه نحوه البلاد هو منوال صندوق النقد الدولي وشروطه الملغمة.
ويتضح مما تقدم أن سياسة صندوق النقد الدولي التي تسعى حكومة الشاهد لتطبيقها بمزيد من رفع الضرائب على الأجراء والحد من الإنفاق على الخدمات العمومية ـ صحة، تعليم، نقل ـ وتسريح مزيد من الموظفين وغلق المؤسسات وتجميد الأجور، لا شك تواجه رفضا كبيرا من عامة الناس التي تستهدفها.
وإن وضع التفقير وتدهور القدرة الشرائية وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع الأسعار والخدمات والتي بلغت حدا تجاوز كل الخطوط الحمر، إضافة إلى انتشار الفساد واقتصاد التهريب والتلاعب الضريبي، أوضاع لن تتمكن حكومة الشاهد ولا الحكومات القادمة من الحد منها أو استئصالها.
إن الاقتراض من هذه المنظمات التي تعمل تحت سقف النظام الرأسمالي الربوي يجرُّ البلاد إلى مزيد من الفقر والتابعية، والشواهد على ذلك في كل بقاع العالم أكثر من أن تُحصى، علاوة على استجلاب سخط رب العالمين لأنه تعامل بالربا الذي حرمه الشرع، يقول الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾.
فما بال الحكومات المتعاقبة تسير على نفس نهج سابقتها والنظام البائد في سياستها الاقتصادية؟! أما آن لها أن تعتبر من أخطاء الماضي الفادحة فلا تكررها؟!
إن اقتصاد تونس لم ولن يتعافى بالحرام، ولن ينهض بمخالفة شريعة الله الغراء وطريق الهدي المستقيم، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً﴾. ومن يفعل ذلك فكأنما يتجرع الداء ليتداوى، ويترك البلاد فريسة لمزيد من النهب من الدول الكبرى ومؤسساتها. وحتى تنهض البلاد اقتصادياً النهضة الصحيحة يجب تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي كاملاً في إطار تطبيق المنظومة الإسلامية الكاملة دون اجتزاء أجزاء منها، فإن أحكام الإسلام متداخلة مترابطة لأنها جاءت لحل مشاكل الإنسان الناجمة عن حاجاته وغرائزه المتداخلة المترابطة، فلا يمكن ولا يجوز فصلها وتجزئتها بحال من الأحوال، ولن تؤدي إلى النهضة إلا بتطبيقها تطبيقا كاملاً في إطار دولة إسلامية هي دولة الخلافة على منهاج النبوة، هذا ما فرضه علينا رب العالمين، وهذا ما يدعوكم إليه حزب التحرير.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ممدوح بوعزيز
عضو المكتب الإعلامي حزب التحرير في ولاية تونس