بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
بَاب فِي الْحِمْيَةِ
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عَنْ أُمِّ الْمُنْذِرِ بِنْتِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام وَعَلِيٌّ نَاقِهٌ وَلَنَا دَوَالِي مُعَلَّقَةٌ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَامَ عَلِيٌّ لِيَأْكُلَ فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيٍّ مَهْ إِنَّكَ نَاقِهٌ حَتَّى كَفَّ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَتْ وَصَنَعْتُ شَعِيراً وَسِلْقاً فَجِئْتُ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَلِيُّ أَصِبْ مِنْ هَذَا فَهُوَ أَنْفَعُ لَكَ قَالَ أَبُو دَاوُد قَالَ هَارُونُ الْعَدَوِيَّةَ
الشروح
حَمَى الشَّيْءَ مِنَ النَّاسِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ يَحْمِيهِ حَمْيًا وَحِمْيَةً وَحِمَايَةً مَنَعَهُ عَنْهُمْ
(وَعَلِيٌّ نَاقِهٌ) بِالْقَافِ الْمَكْسُورَةِ، يُقَالُ: نَقِهَ الْمَرِيضُ يَنْقَهُ فَهُوَ نَاقِهٌ إِذَا بَرَأَ وَأَفَاقَ فَكَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ مِنَ الْمَرَضِ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ كَمَالُ صِحَّتِهِ وَقُوَّتِهِ (دَوَالِي) جَمْعُ دَالِيَةٍ وَهِيَ الْعِذْقُ مِنَ الْبُسْرِ يُعَلَّقُ فَإِذَا أَرْطَبَ أُكِلَ (يَأْكُلُ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ دَوَالِي (فَطَفِقَ) أَيْ: أَخَذَ وَشَرَعَ (مَهْ) اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى كُفَّ وَانْتَهِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ (قَالَتْ) أَيْ: أُمُّ الْمُنْذِرِ (وَصَنَعْتُ شَعِيراً) أَيْ: نَفْسَهُ أَوْ مَاءَهُ أَوْ دَقِيقَهُ (وَسِلْقاً) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ نَبْتٌ يُطْبَخُ وَيُؤْكَلُ وَيُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ جغندر وَالْمَعْنَى وَطَبَخْتُ (فَجِئْتُ بِهِ) أَيِ: الْمَطْبُوخِ وَالْمَصْنُوعِ (أَصِبْ) أَمْرٌ مِنَ الْإِصَابَةِ أَيْ: أَدْرِكْ مِنْ هَذَا.
إن من أعظم النعم علينا أن مَن الله علينا بالإسلام وأن جعله دين كامل يعالج كل مناحي الحياة، فكما جاء فيه ما يخص النظام والاقتصاد والاجتماع والتعليم أيضا فيه ما يوجه الإنسان ليحافظ على صحته لكي لا يسقم أو ليخفف من احتمالية السقم، فإن المأكولات مباحة وتبقى على ذلك إلا إن ورد في أحد أنواعها دليل يخصص حرمانية أكلها كلحم الخنزير، وكذلك منها ما يحرم أكله في حق فئة معينة دون باقي الناس لما يسبب لهم هذا الأكل من ضرر لو تناولوه كتناول مرضى السكري للسكر، نعم إن النفس لتتوق لكل ما لذ وطاب لكن الجسم يأتي عليه أوقات مستثناة علينا أن نراعيه فيها وأن نتذكر أن الوقاية خير من العلاج.
إن المسلم يتبع كل ما يحافظ على صحته ليبقى قادرا على القيام بكل ما أمر الله به، ولكي يستزيد من الطاعات، فلا يتهاون ولا يحكم نفسه فيما يضر جسده ويضعفها ليس حفاظا عليها مجردة فقط بل ليستطيع أن يقوم بما خُلق من أجله “العبادة” وهذا في حد ذاته عبادة.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.