انقلاب على النظام، أم انقلاب على الثورة في السودان ورموزه؟!
الخبر:
تلا وزير الدفاع السوداني بياناً على التلفزيون الرسمي، يوم الخميس 2019/04/11م، أعلن فيه “اقتلاع النظام” والتحفظ على رئيس البلاد عمر البشير “في مكان آمن”. كما أعلن عوض بن عوف، تعطيل الدستور وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وتشكيل مجلس عسكري لإدارة شؤون البلاد لفترة انتقالية مدتها عامان تجري في نهايتها انتخابات. (سكاي نيوز 2019/04/11)
التعليق:
بعد مرور 114 يوماً من انطلاق ثورة أهلنا في السودان، تلك الثورة ضد الظلم، التي حطمت حواجز الخوف من فراعنة هذا الزمان، الذين ظنوا أن تكبيل الأمة بمقامع من حديد، تجعلهم يخضعون لهم إلى الأبد، قد خاب فألهم، وطاش سهمهم، حيث وصل الثوار بثبات قل نظيره في زمان الكبت، إلى مقار الجيش، وعسكروا في محيطها، واعتصموا في خيام منذ السبت 2019/04/06م. فما كان من قيادة الجيش إلا أن قامت بمحاولة تضليلية لحرف الثورة عن مسارها أو تهدئتها إن استطاعوا، فأصدر النائب الأول ووزير الدفاع بياناً أجوف، بدأه بالآية الكريمة ﴿وَأعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا﴾، نفاقاً، وتضليلاً، كعادة أهل الإنقاذ، ثم انقلب على وجهه وقام بتشكيل (مجلس عسكري انتقالي يتولي إدارة حكم البلاد لفترة انتقالية مدتها عامان)، بدل إعلانها خلافة راشدة على منهاج النبوة التي بها وحدها تعتصم هذه الأمة، وتتوحد خلف قيادتها بكتاب الله وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. ثم زاد الرجل في غيه، فقام (بإعلان حالة الطوارئ وحظر التجوال)، وقد لا يعلم أنه يحرّم ما أحله الله للناس، لكنه بهذه الطوارئ قد أتى بقانون وضعي آخر مكان القوانين الوضعية القديمة ودستور نيفاشا لسنة 2005م.
ثم طفق يسير في ركاب الغرب الكافر، مبتعداً بذلك عن الصراط المستقيم، مبدياً التزامه بقوانين الكفر ومواثيقه الدولية، جهاراً نهاراً، حيث أورد في بيانه: (الالتزام بكل المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات بكل مسمياتها المحلية والإقليمية والدولية)، وما درى أن هذه المواثيق الدولية هي التي أبعدت الأمة عن إسلامها وأورثتها التشرذم والتشتت، وأبعدتها عن الاعتصام بحبل الله، ألا يعلم الرجل أن مواثيق الغرب الكافر إنما صُممت للحرب على الإسلام والمسلمين؟! فاسأل عصبة الأمم، ومن بعدها الأمم المتحدة، فستجدهم أعداء لله ولرسوله وللمؤمنين. وليته صان لسانه وسكت، لكنه أعلن (استمرار عمل السفارات والبعثات والهيئات الدبلوماسية والمنظمات)، التي هي أوكار للتجسس على البلاد والعباد، ولا يُستبعد أن يكون هذا البيان قد أُعد في إحدى تلك الأوكار، فقد شوهد السفير الأمريكي (كوتسيس) متواجداً حول القيادة العامة للجيش، ووسط الثوار مساء الأربعاء 2019/04/10م. وفي اليوم التالي 04/11 قرأ ابن عوف هذ البيان. إن ابن عوف ذكر بنوداً تتعلق بـ(صون وكرامة حقوق الإنسان)، ونسي هو وأعوانه في هذا النظام الذي انتفض أبناء الأمة ضده، أنهم هم الذين استباحوا حرمات الناس ودماءهم وأموالهم وأعراضهم.
إن التحفظ على رأس النظام؛ البشير، باعتقاله في مكان آمن، لا يعتبر اقتلاعاً للنظام، بل هو محض تضليل، خاصة بالنظر إلى أن المجلس العسكري هذا سوف يحكم الناس بحالة الطوارئ التي أعلنها البشير نفسه! وهي من العنتريات الزائفة، والاستمرار في تهديد الناس وتخويفهم، نتيجة الهلع الذي أصاب الحكومة، وهذا ما فهم منه في البند “11” من البيان: (الفرض الصارم للنظام العام ومنع التفلت ومحاربة الجريمة بكل أنواعها)، فهم لا يزالون يرتجفون ما دام الثوار يعتصمون أمام القيادة.
نحن نعلم أن هذه محاولة من النظام، لإرضاء الثوار، وادعاء التنازل بعض الشيء لصالحهم، لكنا بالمرصاد إلى أن تقوم على أنقاض هذه الحكومة دولةُ العز والكرامة، دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة إن شاء الله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
يعقوب إبراهيم (أبو إبراهيم) – الخرطوم