مع الحديث الشريف
“لا تغضب”
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية،
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني، قال: لا تغضب فردد مرارا قال: لا تغضب رواه البخاري.
وخرج الترمذي هذا الحديث من طريق أبي حصين أيضاً ولفظه: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله علمني شيئا ولا تكثر علي لعلي أعيه، قال: لا تغضب فردد ذلك مرارا كل ذلك يقول: لا تغضب
وخرج الإمام أحمد من حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قلت: يا رسول الله أوصني، قال: لا تغضب قال الرجل: ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال، فإذا الغضب يجمع الشر كله
فقوله صلى الله عليه وسلم لمن استوصاه: لا تغضب يحتمل أمرين
أحدهما: أن يكون مراده الأمر بالأسباب التي توجب حسن الخلق من الكرم والسخاء والحلم والحياء والتواضع والاحتمال وكف الأذى، والصفح والعفو، وكظم الغيظ، والطلاقة والبشر، ونحو ذلك من الأخلاق الجميلة، فإن النفس إذا تخلقت بهذه الأخلاق، وصارت لها عادة أوجب لها ذلك دفع الغضب عند حصول أسبابه
والثاني: أن يكون المراد لا تعمل بمقتضى الغضب إذا حصل لك، بل جاهد نفسك على ترك تنفيذه والعمل بما يأمر به، فإن الغضب إذا ملك ابن آدم كان الآمر والناهي له، ولهذا المعنى قال الله عز وجل {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ} [الأعراف: 154] فإذا لم يمتثل الإنسان ما يأمره به غضبه، وجاهد نفسه على ذلك، اندفع عنه شر الغضب، وربما سكن غضبه، وذهب عاجلا، فكأنه حينئذ لم يغضب، وإلى هذا المعنى وقعت الإشارة في القرآن بقوله عز وجل {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: 37]، وبقوله عز وجل: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران: 134].
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.