مع الحديث الشريف
غفران ما تقدم من الذنوب بصوم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ”.سنن ابن ماجه
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:
إننا نتبين في هذا الحديث الشريف أموراً في غاية الأهمية لنا نحن الصائمين العابدين في هذا الشهر الكريم، أولها أن فيه ليلة إن قمناها وتهجدنا فيها طالبين رحمة الله سبحانه وتعالى ومغفرته فإن الله سبحانه وتعالى سيفتح لنا صفحة بيضاء جديدة خالية من الذنوب؛ وكأن كل ما قمنا به من معاصي لم تكن، وهذا من عظيم فضل الله ورحمته وحرصه على الناس بأن يدخلوا الجنة، وإعادتهم إلى المكان الذي خلق فيه آدم عليه السلام. لقد اشترط الله حتى يغفر لنا أن نقوم هذه الليلة عن إيمان به وتيقن أنه الخالق البارئ لكل شيء المنعم، وأن نحتسب فيها عملنا لله تعالى وتكون غايتنا رضاه لا نشرك معه أحداً. هذا في ليلة واحد فقط هي ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر.
ثاني هذه الأمور المهمة هو أننا إن قمنا ليالي رمضان وصمنا أيامه إيماناً بالله واحتساباً لأجره، فإن الله سوف يغفر لنا ما تقدم من ذنب واقترفناه في حق الله سبحانه وتعالى، والله عز وجل يغفر كل شيء إلا الشرك فهو مستثنى في كل الأحوال، فهنا شرط لازم واضح وصريح حتى ينزل الله رحمته بأن يغفر كل شيء مضى، وهو الإخلاص له سبحانه وتعالى والتيقن بأنه هو الخالق البارئ القادر على كل شيء، فلا نشرك معه أحداً في الصيام والقيام وغيرهما من الأعمال، عندها نستحق الجائزة الكبرى، المغفرة من كل ذنب، ونعود كما بدأنا أول مرة.
هذان الأمران فيهما حث للعاصي على أن يعود إلى رشده ويحكم عقله وينتهز الفرصة الذهبية. علينا أن نعزم على القيام بالأعمال الصالحات ونجتهد فيها حتى يقبلها الله تعالى، ونحرص على استحقاق هذه الجائزة (المغفرة) باليقين والإخلاص لله تعالى، كي نبدأ صفحة جديدة مع الله تعالى.
الله نسأل أن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يتقبل منا صيامنا، ويكافئنا بأفضل ما عنده، وأن يجعلنا من المرحومين المغفور لهم في هذا الشهر، ويديمنا على الأعمال الصالحة، اللهم آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح