مع الحديث الشريف
الصيام كفارة
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا جَامِعٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ قَالَ عُمَرُ رضى الله عنه مَنْ يَحْفَظُ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتْنَةِ قَالَ حُذَيْفَةُ أَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ “فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ “.سنن ابن ماجه
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:
إن هذا الحديث الشريف يخبرنا بأمور عظيمة قد تخفى على البعض، وهي أن ألإنسان يفتن وقد يضل ويعصي لأسباب كثيرة، ومن شدة رحمة الله تعالى بنا لم يترك الباب مغلقًا أمام من يُفتن أو يعصي، بل فتح له بابًا آخر إن سلكه نجا من العذاب. من هذه الأمور التي تفتن المسلم: الأهل، فهم قد يدفعون المسلم للقيام بمعاصي أو تجاوز حدود لا يحق له تجاوزها، وكذلك المال، الذي يفتن الكثيرين جهلًا وعدم يقين بأن الله هو المعطي والمانع وأن بيده كل شيء، وكذلك الجار ممن حولك وفي محيطك، وهذا قد تحدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى كثيرة، ووصى به ونهى عن إيذائه لما فيه من المعصية. عليه، بعد الإشارة إلى هذه الأمور الثلاثة التي تفتن المسلم، أشار الحديث إلى طريقة التكفير ومحو الخطايا عند الله، وتكون بالصلاة، فالإنسان بها يعود إلى ربه متقربًا متعبدًا تائبًا عما اقترفه من معصية، وبالصيام الذي فيه مشقة للجسد وبه يتذكر الإنسان أن لجسده خالقًا وأنه لا يقوى على بطشه وسخطه، وأضعف من أن يقاوم عذابه وشقاءه إن ضربه عليه، لهذا كان الصيام من أجدى الأساليب في ترويض النفس وتقريبها من الله تعالى وإذلالها للخالق، وتكون طريقة التكفير كذلك بالصدقة التي تُطفئ الخطايا، حيث أن المتصدق يعطي ما هو غالي وعزيز عليه، يتخلى عن ما هو قيمته عالية عنده لله تعالى، تقربًا له وإثباتًا لتوبته وعزمه على ألا يعود إلى عصيانه عز وجل وتخليه عن افتتانه.
الله نسأل أن يبعدنا عن هذه الفتن، وأن يجعل أعمالنا خالصة له وحده سبحانه وتعالى، وأن يعيننا في صيامنا وصلاتنا، وأن يستبدل لنا بصدقاتنا ثوابًا وجزاء النعيم يوم القيامة، اللهم آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح