مع الحيدث الشريف
الصيام جنة
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ. مَرَّتَيْنِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا”. سنن ابن ماجه
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:
إن هذا الحديث الشريف يرشدنا إلى أمور يجب أن نتحراها ونحرص عليها في هذا الشهر العظيم المبارك عند الله، فيخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصيام جُنة أي وقاية لنا وحجة لنا في يوم الحساب، وقد أُمرنا أن نصاحب الصيام بعدم الرفث والجهل، بأن لا يخرج منا لفظ أو فعل فيه معصية ومخالفة لفارض الصيام، الله تعالى، وبأن لا نخطئ متعمدين، فنحرص كل الحرص على سلوك ما أمر الله تعالى به وليس ما نحب ونهوى. وأضاف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن السلوك السوي الذي يجب أن يُسلك في هذا الشهر إن أحدٌ أراد التعدي علينا أو قام بما يستفزنا من فعل أو قول، هو أن نقول ما يمنعنا من الوقوع في الخطأ حتى لا يتخلل صيامنا الرفث والجهل، وهو: “إني صائم”، بمعنى أني قائم بعمل عظيم يقربني إلى خالقي، وأني ممتنع عن الأكل والشرب والمعصية في الوقت نفسه، وطُلب منا أن نقولها مرتين تأكيدًا على قيامنا بهذا العمل من أجل الله تعالى، حتى يرتدع المتعدي.
لقد أشار هذا الحديث إلى أمر يعلمه الصائم وقد يشتكي منه وهو رائحة الفم عند الصوم، فأخبرنا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام أن هذه الرائحة وإن كانت تؤذي فإنها عند الله أطيب وأفضل من رائحة المسك، وهذا حث على الصبر والامتناع عن الشكوى من الآخرين، لأن الأصل في المسلم أن يحب ما أحبه الله ويكره ما يكرهه الله، فلا نشكو هذه الرائحة حبًا في الله، وهذا أيضًا فيه أجر.
يرشدنا الحديث إلى أن الإنسان يحيا بالطعام والشراب، وأنهما فتنة له في هذه الدنيا، والله يعلم العناء والتضحية التي يقدمها الصائم، ويعلم نيته من الصيام إن كان صام تقربًا له عز وجل أو لا، وكل الأعمال التي يقوم بها المسلم يجب أن تكون لله، إلا أن الصيام مختلف في أمر آخر، فقد ترك أجره على قدر المشقة، والله سبحانه وتعالى سيجزي كل امرء على قدر عنائه وجهده، كما أن الحسنة تتضاعف بعشرة أمثالها، وهذا كله كرم من الله سبحانه وتعالى ومحبته لعباده الصالحين.
الله نسأل أن نستحق هذا الكرم، وأن يتقبل الله أعمالنا كلها، ويتقبل صيامنا وقيامنا، ويجزينا عليها خير الجزء يوم الحساب، اللهم آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح