مع الحديث الشريف
باب الريان للصائم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ ـ رضي الله عنه ـ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ “إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ”.سنن ابن ماجه
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:
إن هذا الحديث الشريف يخبرنا بعظيم الأجر والثواب الذي يناله الصائم يوم القيامة، حيث أن الجنة خلقها الله سبحانه وتعالى وجعل فيها عدة أبواب، ولكل باب أهله الذين يدخلون منه، أحد هذه الأبواب هي للصائم دون غيره، للذي يصوم تقربًا لله تعالى مخلصًا لا يرفث ولا يعصي، واسم هذا الباب باب الريان، وهذا الاسم يصف أصحابه الذين كانوا عطشى وجوعى حتى جاء يوم لا يعودون يعطشون أو يجوعون. هذا الجزاء جزاء عظيم، حيث لا يدخل من باب الريان أحد غير الصائمين، ويغلق عند آخر صائم فلا يدخل بعدهم أحدًا، وهذا دلالة واضحة على أن للصيام مرتبة خاصة ومكانة مميزة في الآخرة والجنة. إذا كان الصائم يرغب في أن يدخل من هذا الباب المخصص للصائمين، فما عليه إلا أن يصوم بالشكل الصحيح الذي أرشدتنا إليه الأحكام الشرعية، حتى يستحق الدخول منه كما سيدخله غيره من الصائمين، وحتى يستحق الجنة التي استحقها غيره من العاملين الباغين رضوان الله تعالى.
عليه قد يقول قائل إن المسلمين المؤمنين كلهم يصومون ويقومون الليل، فهل هذا يعني أن كلهم سيدخلون من باب واحد، كلا فهذا ينفيه الحديث الذي يدل على أن أناسًا معينين فقط يستحقون الدخول منه وغيرهم لا، ولا يعني أن الباقي لم يقبل صيامهم، بل أن الذين استحقوا الدخول تفوقوا على الآخرين بصيامهم وعملهم.
إن هذه الدرجة لا يستحقها إلا من صام لله مخلصًا، قائمًا بالأعمال الأخرى التي فرضها الله عليه، غير مقصر ولا متذرع، وقد يصوم متحملًا مشاقًا أخرى غير مشاق الصيام، كالجهاد والعمل لرفع راية الإسلام وغيرها الكثير.
الله نسأل أن يجعلنا من أصحاب هذا الباب، وأن يعيننا على القيام بالأعمال التي تؤهلنا للدخول منه مع من ميزوا وخصصوا به، اللهم آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح