Take a fresh look at your lifestyle.

رسائل رمضانية من هدي القرآن والسنة النبوية – الرسالة التاسعة عشرة ذكرى فتح مكة (5)


 

الرسالة التاسعة عشرة

ذكرى فتح مكة (5)

 

 

الحَمدُ للهِ الذي فَتحَ أبوَابَ الجِنَانِ لِعبَادِهِ الصَّائمينْ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشرَفِ الأنبيَاءِ وَالمُرسَلينْ، المَبعُوثِ رَحْمَةً لِلعَالمينْ، وَآلهِ وَصَحبهِ الطيِّبينَ الطَّاهرينْ، وَمَنْ تبِعَهُ وَسَارَ عَلى دَربهِ وَاهتدَى بهَديهِ وَاستَنَّ بسُنَّتهِ، وَدَعَا بدَعوَتهِ إلى يَومِ الدِّينْ.

 

مستمعي الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير: السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، وبعد: إليكم الرسالة التاسعة عشرة من “الرسائل الرمضانية من هدي القرآن والسنة النبوية”، نتابع معكم فيها الحديث عن (القسم الخامس والأخير) من “ذكرى فتح مكة”.

 

إخوةَ الإيمانِ: أيها الصائمون:

 

طاف النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمون حول الكعبة، وأخذ يكسر الأصنام المصفوفة حولها، ويضربها بقوسه ظهراً لبطن، فتقع على الأرض مهشمة متناثرة، وهو يقول: «جاء الحق وزهق الباطل إنَّ الباطل كان زهوقا». ثمَّ أمر بالكعبة ففتحت فرأى الصور تملؤها، وفيها صورتان لإبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام، فقال ساخطاً على المشركين: «قاتلهم الله، والله ما استقسما بها قط. ومحا ذلك كله». حتى إذا طهَّر المسجد من الأوثان، أقبل على قريش وقد خرجت باطمئنان من الحرم، ومن دورها، ومن دار أبي سفيان، تشاهد مشدوهة هدم أصنامها التي كانت قبل لحظات آلهة تعبدها، فإذا هي الآن حجارة عاجزة عن المقاومة، لا تدفع ضراً، ولا تجلب نفعاً! واستدار الرسول عليه الصلاة والسلام نحو الكعبة قائلاً: «لا إله إلاَّ الله وحده، لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده». ثمَّ قال لقريش: «يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟». قالوا: خيراً! أخ كريم! وابن أخ كريم! قال النبي عليه الصلاة والسلام: «فإني أقول كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم … اذهبوا فأنتم الطلقاء!». وبهذه الكلمة المؤثرة صدر العفو العام عن أهل مكة جميعاً، ونسي محمد عليه الصلاة والسلام في ساعة الظفر كلَّ إساءة نالته، وكلَّ أذى لحق به. وأمر النبي عليه الصلاة والسلام بلالاً فصعد فوق ظهر الكعبة، وأذن للصلاة … وخطب النبي عليه الصلاة والسلام خطبة أبان فيها كثيراً من الأحكام الإسلامية، ثمَّ قال: «يا معشر قريش إنَّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية، وتعظمها بالآباء. الناس لآدم، وآدم من تراب». ثمَّ تلا قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). ثمَّ شرع الناس يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فكان ممن أسلم في هذا اليوم معاوية ابن أبي سفيان، وأبو قحافة والد أبي بكر الصديق، وقد فرح الرسول عليه الصلاة السلام كثيراً لإسلامه! أما الذين أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمهم فقد أدركت بعضهم رحمة الله فأسلموا بعد أن استأمن لهم بعض المسلمين كعكرمة بن أبي جهل الذي أصبح فيما بعد من أكثر الناس غيرة على الدين الحنيف، بعد أن كان من ألد أعدائه! هذا ولما تمت بيعة الرجال بايعته النساء، وكنَّ يبايعن على ألاَّ يشركن بالله شيئاً، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهنَّ، ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهنَّ وأرجلهنَّ، ولا يعصين الرسول في معروف. أقام الرسول عليه الصلاة والسلام في مكة خمسة عشر يوماً، يقصر فيها الصلاة، وقد نظم خلالها شؤون مكة، وفقه أهلها في الدين، ثمَّ أرسل بعض المفارز للدعوة إلى الإسلام، ولتحطيم باقي الأصنام. وهكذا كان فتح مكة فتحًا مبينًا، لا يوجد له نظير في تاريخ الفتوحات! 

 

اللهُمَّ أقـِرَّ أعْيُنَنَا بـِقيَامِ دَولةِ الخِلافَة، وَاجْعلْنـَا مِنْ جُنُودِهَا الأوفِياء المُخلِصينْ.

 

وَالسَّلامُ عَليكـُم وَرَحمَةُ اللهِ  وَبَرَكاتهُ.