ديننا واضحٌ فلا نحتاج من أعدائنا أن يشرحوه لنا
يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.
نلاحظ أنّ الله سبحانه ذكر في هذه الآية الجامعة المانعة جملة من الألفاظ ذات المعاني والدلالات التي لا يخطئها عاقل، فالله سبحانه يُخاطب رسوله صلوات الله وسلامه عليه ويأمره بأن يُخبر الناس عامّة خبراً يحتوي بياناً به وعليه يستقيم أمر الدنيا والآخرة.
يقول له: قل، أي يأمره بالتبليغ عنه.
والرسالة للمسلمين وللناس عموما هي: ﴿هَذِهِ سَبِيلِي﴾
واسم الإشارة ﴿هَذِهِ﴾ يعني الدعوة التي كُلّف بها آخر الأنبياء وصفوة الله من خلقه، وأن هذه الدعوة هي ﴿سَبِيلِي﴾ أي: سُنَّتِي وَمِنْهَاجِي. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: دِينِي، ونَظِيرُهُ في كتاب الله قَوْلُهُ: ﴿ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ﴾ وأن هذه الدعوة التي أمر الله نبيّه بتبليغها هي دعوة على ﴿بَصِيرَةٍ﴾ أي عن يقين وعن معرفة وعن تمييز لا خلل فيه بين الحق والباطل، بين الفلاح والضياع، بين الهدى والضلال، وهذه الدعوة إلى الله بهذا الوضوح والبيان واليقين تشمل كلّ من آمن بمحمد صلوات الله وسلامه عليه والتزم هذه الدعوة، فهي لناحية الدعوة إليها على بصيرة ووعي ويقين لا تخص نبي الله فقط بل تشمل كل من أسلم وجهه لله وآمن بالدعوة التي نزل بها الوحي على رسول الله.
وأيّ دعوة لا تشتمل على هذا البيان والوضوح والجلاء والمفاصلة لا تكون سبيل الله ولا سبيل نبيّه، بل هي سبيل أخرى مغايرة، يوصف صاحبها ومن يدعو إليها بأنه من المشركين كما بيّن الله في آخر الآية.
وقد يكون هذا عين ما يفعله الغرب في محاربته لدين الله بشكل مباشر أو غير مباشر، ولأن جرائم الغرب في شرق البلاد وغربها لا تخفى على كل ذي بصر، فلن أركّز كلامي على حروبهم وجرائمهم المباشرة وعما يرتكبونه من فظائع، بل أخصص حديثي هنا عن أدواتهم غير المباشرة في حربهم على دين الله، وهذه الأدوات هي كل من شرب من مفاهيم الغربيين وأخذ يبثها بين المسلمين، وكلّ من رضي بتفسيرات الشرق والغرب للإسلام وأخذ يروجها في بلاد المسلمين على أساس أنه أخذها من نبع الإسلام: كتاب الله وسنة نبيه، فهل المسلمون بحاجة لتفسيرات وشروحات الشرق والغرب للإسلام وأن يعلّمونا إياه عن طريق (عمّة وجلباب) مكتوب في جوهر صاحبه: صُنع في الغرب؟! أو عن طريق صاحب هندامٍ وربطة عنق يروّج (الإسلام الغربي المعلّب) على أنه العصرنة والانفتاح والتنوير؟!
يبدو أن كل هؤلاء وسادتهم نسوا أو تناسوا أنّ أمّة محمد صلوات الله وسلامه عليه هي صاحبة الخير وحاملة لوائه، وأمّة الوعي ومنبع عطائه، وإن أصابها المرض زمناً، لكنها سادت من قبلُ أزماناً، وستسود من بعدُ أزماناً حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً…
يقول سبحانه: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ فمعنى حبّ نبي الله هو: أن تتّبع ما جاء به من ربّه، فكلّ من يزعم فهم الإسلام وتبليغ أمر الله وهو على غير هدي النبي صلوات الله وسلامه عليه فهو خارج الصراط، ومنحرف عن السبيل وضالٌّ عن الطريق التي رسمها الله ووضع معالمها عمليا على أرض الواقع رسولُه صلوات الله وسلامه عليه، أمّا التشدّق بما لا تحتمل نصوص الشرع، والتجرؤ على أحكام الله وحرفها ثم الإصرار بوقاحة أنها شرعُ الله فهذا لا يقوم به إلا شياطين الإنس الذين يلبسون لباسنا وينطقون بلساننا وما هم منّا وإن زعموا وحلفوا، وإن مشوا على الماء أو طاروا في السماء!!
ديننا واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، ومراهنة أولئك على جهل الناس وعدم وعيها أمرٌ طواه الزمان ودفنه وعي الأمة واتّقاد ذكاء أبنائها الذين باتوا يعرفون الحق ويعرفون الباطل، يعلمون من هم أهل الحق ومن هم أهل الضلال، حتى بات شيوخ السلاطين (مسخرة) يتندّر بها الناس بعد أن انجلى عن أعينهم الغبش الذي صنعته الأنظمة وإعلامها ومشايخها وعلماؤها، وما هي إلا مسألة وقت لن يطول بعون الله ثمّ تنجلي السحابة السوداء من سماء خير أمة أخرجت للناس فيعود لها كيانها وسلطانها وريادتها وسيادتها، وتعود لتقوم بواجبها: حمل دين الله وتعليمه للناس ونشرع في ربوع الأرض بعزّ عزيزٍ أو بذلّ ذليل.
هذا هو دين الله، فلا تلزمنا انحرافات المنحرفين ولا تفسيرات المأزومين، أمّا شروحات الشرق والغرب لديننا عن طريق أدواتهم فلن يكون له مكان وفي عروقنا دماء، بل سنحمل ديننا بتفسيراته الوضاءة الساطعة الهادية المنجية لنخرج هؤلاء من ظلماتهم إلى نور وعدل ورحمة هذا الدين الذي يفترون عليه.
يقول الحق وهو أصدق القائلين: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
ويقول المصطفى الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الدِّينُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلا يَتْرُكُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزّاً يُعِزُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الإِسْلامَ، أَوْ ذُلّاً يُذِلُّ بِهِ الْكُفْرَ».
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رولا إبراهيم – بلاد الشام
2019_05_25_Art_Our_religion_is_clear_and_we_do_not_need_our_enemies_to_explain_it_to_us_AR_OK.pdf