حب الله ورسوله e ودينه يجب أن يسمو على أي شيء في هذه الدنيا
(مترجم)
إن الإسلام قد علمنا حب الله ورسوله: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.
وقال الرسول e: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِسْلاَمِ مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَمَنْ أَحَبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ».
فما معنى هذا الحب:
– قال الأزهري: محبة العبد لله ورسوله طاعته لهما واتباعه أمرهما
– وقال البيضاوي: محبة العبد لله تعالى إرادة طاعته
– وقال ابن عرفة: المحبة عند العرب إرادة الشيء على قصد له
– وقال الزجاج: محبة الإنسان لله ورسوله طاعته لهما، ورضاه بما أمر الله سبحانه به
ماذا قال الإسلام عن معصية الله؟
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِّلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾ [سورة البقرة 165-167]
وقد روى الإمام البخاري، عن عبد الله رضي الله عنه قال: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ e أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدّاً وَهْوَ خَلَقَكَ». قُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ: «وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ: «أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ».
نحن عاصون إن أحببنا غير الله ورسوله، بحيث نجعلهم أندادا لله عز وجل:
إن الحقيقة المؤلمة هي أنه بعلمنا أو بدونه فإننا نجعل لله عز وجل أندادا في العبادة. وهذا لا يعني بالضرورة رفض أحكام الله عز وجل، كما يمكننا أن نقرأ في الآية السابقة، بل تعني أننا نحبهم بجانب حبنا لله تعالى، ونطيعهم ونأخذ برأيهم ونطيع أوامرهم، كما أخبرنا الله عز وجل.
ونرى ذلك فعليا عندما يقف أولئك الأنداد ضد الله عز وجل، أما أولئك الذين جعلوا لله أندادا فسوف ينهزمون وحتى إنهم قد يطيعونهم، فقط لأنهم يحبونهم أيضا، حتى وإن كان ذلك عكس حكم الله عز وجل.
وبالتالي فإنه من غير المسموح أن نقول، في حال كان من نحبه يذهب عكس حكم الله عز وجل، أبانا أو ملكنا أو قائدنا أو شيخنا حيث إنه بهذه الحال يكون علينا أن نطيعهم، وبذلك نمنحهم موقعا في حياتنا لا يمكن أن يكون سوى لله عز وجل. وبدل ذلك علينا أن نحاسبهم ونذكرهم بحكم الله سبحانه. فقط عندها سنكون مؤمنين حقا ونأخذ دور الشهداء على الناس.
إن المؤمنين حقا الذين يحبون الله عز وجل دون أن يجعلوا له أندادا، هم فقط من سيحققون الطاعة الحقة لله عز وجل، وفقط سيتمكنون من التمتع بالحرية بالاعتماد عليه وحده في كل شيء. سيكونون هم من يقفون بقوة ويرفعون الإسلام ويكونون مثالا حسنا عن الأمة، كل هذا سيعلو عندهم على أية مصالح أخرى حتى على حساب مصالحهم الخاصة. لن يخشوا أحدا سوى الله وسيتمكنون من قول الحق دون المساومة على الإسلام. فالقرآن والسنة سيكونان مرجعهم في كل وقت وفي كل مسألة، مهما كان ما يتعاملون معه.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ياسمين مالك